الله علي بصري فابصر به الناس)) ، وتأمل قول الأعمى هذا، فانه لم يسال إلا بصرا يبصر به الناس فقط، أما الأبرص والأقرع فان كل واحد منهما تمني شيئا اكبر من الحاجة، لان الأبرص قال: جلدا حسنا ولونا حسنا، وذاك قال: شعرا حسنا، فليس مجرد جلدا أو شعر أو لون، بل تمنيا شيئا اكبر، أما هذا فان عنده زهدا، لذا لم يسال إلا بصرا يبصر به الناس فقط. ثم أساله:((أي المال احب إليك؟ قال: الغنم)) وهذا أيضا من زهده، فلم يتمني الإبل ولا البقر، بل الغنم، ونسبة الغنم للبق والإبل قليلة، فأعطاه شاة والدا وقال: بارك الله لك فيها. فبارك الله_ سبحانه وتعالى_ للأول في ابله، والثاني في بقره، وللثالث في غنمه، وصار لكل واحد منهما واد مما أعطي، للأول واد من الإبل، وللثاني واد من البقر، وللثالث واد من الغنم. ثم إن هذا الملك أتى الأبرص في صورته وهيئته، صورته البدنية، وهيئته الرثة، ولباسه لباس الفقير، وقال له:((رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك)) . فتوسل إليه بذكر حاله انه فقير، وانه ابن سبيل
أي مسافر، وان الحبال أي الأسباب التي توصله إلى أهله قد انقطعت به، وانه لا بلاغ له إلا بالله ثم به. وقال له:((أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيرا أتبلغ به في سفري)) لكنه قال: ((الحقوق كثيرة)) وبخل بذلك، مع إن له واديا من الإبل، لكنه قال: الحقوق كثيرة، وهو فيما يظهر_ والله اعلم_