٩٠ ـ الرابع: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان) متفق عليه.
(الحلقوم) : مجرى النفس. و (المريء) : مجرى الطعام والشراب.
[الشَّرْحُ]
هذا الحديث ساقه المؤلف ـ رحمه الله ـ في باب المبادرة إلى فعل الخيرات، وعدم التردد في فعلها إذا أقبل عليها. فإن هذا الرجل سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل؟ وهو لا يريد أي الصدقة أفضل في نوعها، ولا في كميتها، وإنما يريد ما هو الوقت الذي تكون فيه الصدقة أفضل من غيرها، فقال له:(أن تصدق وأنت صحيح شحيح) يعني صحيح البدن شحيح النفس؛ لأن الإنسان إذا كان صحيحاً كان شحيحاً بالمال؛ لأنه يأمل البقاء، ويخشى الفقر، أما إذا كان مريضاً، فإن الدنيا ترخص عنده، ولا تساوي شيئاً فتهون عليه الصدقة.
قال:(أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل البقاء وتخشى الفقر) وفي رواية: (تخشى الفقر وتأمل الغنى) ، ولكن الرواية الأولى أحسن، وقوله:(تأمل البقاء) يعني: أنك لكونك صحيحاً تأمل البقاء وطول