للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحياة؛ لأن الإنسان الصحيح يستبعد الموت، وإن كان الموت قد يفجأ الإنسان، بخلاف المريض؛ فإنه يتقارب الموت. وقوله: (وتخشى الفقر) يعني: لطول حياتك، فإن الإنسان يخشى الفقر إذا طالت به الحياة؛ لأن ما عنده ينفد، فهذا أفضل ما يكون؛ أن تتصدق في حال صحتك وشحك.

(ولا تهمل) أي لا تترك الصدقة، (حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت لفلان كذا ولفلان كذا) يعني لا تمهل، وتؤخر الصدقة، حتى إذا جاءك الموت وبلغت روحك حلقومك، وعرفت أنك خارج من الدنيا، (قلت: لفلان كذا) يعني صدقة، (ولفلان كذا) يعني صدقة، (وقد كان لفلان) أي قد كان المال لغيرك، (لفلان) : يعني للذي يرثك. فإن الإنسان إذا مات انتقل ملكه، ولم يبق له شيء من المال.

ففي هذا الحديث دليل على أن الإنسان ينبغي له أن يبادر بالصدقة قبل أن يأتيه الموت، وأنه إذا تصدق في حال حضور الأجل، كان ذلك أقل فضلاً مما لو تصدق وهو صحيح شحيح.

وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا تكلم في سياق الموت فإنه يعتبر كلامه إذا لم يذهل، فإن أذهل حتى صار لا يشعر بما يقول فإنه لا عبرة بكلامه، لقوله: (حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان: كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان) .

وفيه دليل على أن الروح تخرج من أسفل البدن، تصعد حتى تصل إلى أعلى البدن، ثم تقبض من هناك، ولهذا قال: (حتى إذا بلغت الحلقوم) ، وهذا كقوله تعالى: (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>