للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا سيما الشباب منهم والذين لم يحضروا غزوة بدر؛ أشار أن يخرج إليهم، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته ولبس لامته، يعني لامة الحرب، ثم خرج، وأمر بالخروج إليهم في أحد.

فالتقوا في أحد، وصف النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه صفاً مرتباً من أحسن ما يكون، وجعل الرماة الذين يحسنون الرمي بالنبل ـ وهم خمسون رجلاً ـ على الجبل، وأمر عليهم عبد الله بن جبير رضي الله عنه وقال لهم: لا تبرحوا مكانكم، وابقوا في مكانكم، سواء كانت لنا أو علينا.

فلما التقى الصفان، انهزم المشركون وولوا الأدبار، وصار المسلمون يجمعون الغنائم، فقال الرماة الذين في الجبل: انزلوا نأخذ الغنائم، ونجمعها. فذكرهم أميرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم لهم أن يبقوا في مكانهم، سواء كانت للمسلمين أو عليهم، ولكنهم ـ رضي الله عنهم ـ ظنوا أن الأمر قد انتهى؛ لأنهم رأوا المشركين ولوا ولم يبقى إلا نفر قليل، فلما رأى فرسان قريش أن الجبل قد خلا من الرماة؛ كروا على المسلمين من خلفهم، ثم اختلطوا بالمسلمين، فصار ما كان بقدر العزيز الحكيم جل وعلا، واستشهد من المسلمين سبعون رجلاً، ومنهم حمزة بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسد الله وأسد رسوله.

فلما أصيب المسلمين بهذه المصيبة العظيمة؛ قالوا: أنى هذا، كيف نهزم ومعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن جند الله، وأولئك معهم الشياطين: وهم جنود الشياطين، فقال الله عز وجل لهم: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) (آل عمران: من الآية١٦٥) ، أنتم

<<  <  ج: ص:  >  >>