الحال؛ فإنه يطغى والعياذ بالله، ويزيد ويتكبر، ويستنكف عن عبادة الله، كما قال تعالى:(كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى)(العلق: ٦-٨) ، يعني: مها بلغت من الاستغناء والعلو؛ فإن مرجعك إلى الله.
ونحن نشاهد أن الغنى يكون سبباً للفساد والعياذ بالله، تجد الإنسان في حال فقره مخبتاً إلى الله، مبنياً إليه، منكسر النفس، ليس عنده طغيان، فإذا أمده الله بالمال؛ استكبر ـ والعياذ بالله ـ وأطغاه غناه.
أو بالعكس:(فقراً منسياً) الفقر: قلة ذات اليد، بحيث لا يكون مع الإنسان مال، فالفقر ينسي الإنسان مصالح كثيرة؛ لأنه يشتغل بطلب الرزق عن أشياء كثيرة تهمه، وهذا شيء مشاهد؛ ولهذا يخشى على الإنسان من هذين الحالين؛ إما الغنى المطغي؛ أو الفقر المنسي. فإذا من الله على العبد بغنى لا يطغي، وبفقر لا ينسي، وكانت حاله وسطاً، وعبادته مستقيمة، وأحواله قويمة، فهذه هي سعادة الدنيا.
وليست سعادة الدنيا بكثرة المال؛ لأنه قد يطغي؛ ولهذا تأمل قوله تعالى:(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(النحل: ٩٧) ، لم يقل: من عمل عملاً صالحاً من ذكر أو أنثى فلنوسعن عليه المال ولنعطينه المال الكثير، قال:(فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) ؛ إما بكثرة المال أو بقلة المال، ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله في الحديث القدسي: (إن من عبادي من لو أغنيته لأفسده الغنى، وإن من عبادي من لو أفقرته لأفسده