للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك أيضاً من أكل الأموال: أن يدعي شخص على آخر ما ليس له، ويقيم على ذلك البينة بالشهادة الزور، ويحكم له بذلك، فإن هذا من أكل المال بالباطل، والأمثلة على ذلك كثيرة، ولكنها كلها محرمة إذا لم تكن بحق ولهذا قال ـ عز وجل ـ (فلا تظالموا) .

أما الأعراض فهي أيضاً حرام، فلا يحل للإنسان أن يقع في عرض أخيه، فيغتابه في المجلس أو يسبه، فإن ذلك من كبائر الذنوب. قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (الحجرات: ١٢) أنظر للترتيب: أجتنبوا كثيراً من الظن، فإن ظن الإنسان بأخيه شيئاً تجسس عليه، ولهذا قال: (وَلا تَجَسَّسُوا) ، فإذا تجسس صار يغتابه، ولهذا قال في الثالثة: (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) . ثم قال تعالى: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) ؟ الجواب: لا. لا يجب، بل يكره، ولهذا قال: (فَكَرِهْتُمُوهُ) ، قال بعض المفسرين: إذا كان يوم القيامة، فإنه يؤتي بالرجل الذي اغتابه الشخص، يمثل له بصورة إنسان ميت، ثم يقال له: كل من لحمه، ويكره على ذلك، وهو يكرهه، لكن يكره على هذا عقوبة له، والعياذ بالله.

فالغيبة ـ وهي انتهاك عرض أخيك ـ محرمة، وقد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم مر ليلة عرج به بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، يعني يكرون الوجوه والصدور بهذه الأظفار التي من النحاس، فقال: (يا جبريل، من هؤلاء؟) قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم

<<  <  ج: ص:  >  >>