ثم أن الإنسان إذا انتهك عرض أخيه، فإن أخاه يأخذ في الآخرة من حسناته، ولهذا يذكر أن بعض السلف قيل له: إن فلان يغتابك، فقال: مؤكداً؟ قال: نعم، اغتابك، فصنع هدية له، ثم بعث بها إليه، فاستغرب الرجل! كيف يغتابه، ويرسل له هدية؟ قال: نعن إنك أهديت إلي حسنات، والحسنات تبقى، وأن أهديت إليك هدية تذهب في الدنيا، فهذه مكافأة على هديتك لي , انظر فقه السلف ـ رضي الله عنهم.
فالحاصل أن الغيبة حرام، ومن كبائر الذنوب، ولا سيما إذا كانت الغيبة في ولاة الأمور من الأمراء أو العلماء، فإن غيبة هؤلاء أشد من غيبة سائر الناس، لأن غيبة العلماء تقلل من شأن العلم الذي في صدورهم، والذي يعلمونه الناس، فلا يقبل الناس ما يأتون به من العلم، وهذا ضرر على الدين، وغيبة الأمراء تقلل من هيبة الناس لهم؛ فيتمردون عليهم وإذا تمرد الناس على الأمراء فلا تسأل عن الفوضى:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
فنسأل الله أن يحمينا وإياكم مما يغضبه، إنه جواد كريم.
ثم قال الله تعالى:(يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدني أهدكم) ، ضال يعني: تائهاً، أي لا يعرف الحق، ضال يعني: غاوياً لا