الأرض لفسد، وأفسد الهواء وأهلك المواشي، بل وأهلك الآدميين من رائحته ونتنه، ولكن الله ـ عز وجل ـ بحكمته ورحمته جعل هذه الأرض تشربه وتسلكه ينابيع فيها، حتى تأتي حاجة الناس إليه؛ فيحفرونه، فيصلون إليه.
والذي أنزله هو الله ـ عز وجل ـ، ولو اجتمع الناس كلهم على أن ينزلوا قطرة من السماء ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ولكن الله ـ عز وجل ـ هو الذي ينزله بقدرته ورحمته، إذن، نحن لا نطمع شيئاً من طعام، أو مأكول، ولا من مشروب؛ إلا بالله ـ عز وجل ـ ولهذا قال:(كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم) .
واستطعام الله ـعز وجل ـ يكون بالقول وبالفعل؛ بالقول: بأن تسأل الله ـ عز وجل ـ أن يطعمنا وأن يرزقنا، وأما بالفعل، فله جهتان:
الجهة الأولى: العمل الصالح، فإن العمل الصالح سبب لكثرة الأرزاق وسعتها، قال الله ـ عز وجل ـ:(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)(الأعراف: ٩٦) ، وقال تعالى:(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ)(المائدة: ٦٥، ٦٦) ، (مِنْ فَوْقِهِمْ) : أي من ثمار الأشجار، (وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) : أي من ثمار الزروع، فالمهم أن هذا من أسباب إطعام الله.
الجهة الثانية من جهة الاستطعام الفعلي: أن نحرث الأرض، ونحفر