أنت عبدي، وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح) ، أراد أن يقول: اللهم أنت ربي، وأنا عبدك، ولكن أخطأ من شدة الفرح، لأن الإنسان إذا أشتد فرحه لا يدري ما يقول، كما أنه إذا اشتد غضبه لا يدري ما يقول، فالله بتوبة عبده المؤمن أشد فرحاً من فرح هذا بناقته. نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم، ويرزقنا الإنابة إليه.
وقوله جل ذكره:(يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني) ، يعني أنه ـ تبارك وتعالى ـ غني عن العباد، ولا ينتفع بطاعتهم ولا تضره معصيتهم، فإنه ـ عز وجل ـ قال في كتابه:(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)(الذريات: ٥٦، ٥٨) ، فالله ـ عز وجل ـ لا ينتفع بأحد، ولا يتضرر بأحد لأنه غني عن الخلق ـ جل وعلا ـ، وإنما خلق الخلق لحكمة أرادها ـ تبارك وتعالى ـ خلقهم لعبادته، ثم إنه وعد الطائعين بالثواب، وتوعد العاصين بالعقاب، وحكمة منه؛ لأته خلق الجنة والنار، وقال: لكل منكما على ملؤها , فالنار لابد أن تكلأ، والجنة لابد أن تملأ كما قال ـ عز وجل:(وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)(هود: ١١٩) ، إذن فالله تعالى لن ينفعه طاعة الطائعين، ولن تضره معصية العاصين، ولن يبلغ أحد ضرره مهما كان.
ولهذا قال فيما بعد هذه الجملة: (لو أن أولكم وأخركم وأنسكم وجنكم