للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا على أتقى قلب رجل منكم، ما زاد في ملكي شيئاً) . لو أن أول الخلق وأخرهم وأنسكم وجنهم كانوا متقين، على أتقى قلب رجل واحد، ما زاد ذلك في ملك الله من شيئاً، لأن الملك ملكه، لا للطائعين ولا للعاصين.

كذلك أيضاً يقول ـ جل وعلا ـ: (يا عبادي، لو أن أولكم وأخركم، وأنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً) لو كان العباد كلهم من جن وأنس، وأولهم وأخرهم، لو كانوا كلهم فجاراً وعلى أفجر قلب رجل، فإن ذلك لا ينقص من ملك الله شيئاً، قال الله تعالى: (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) (الزمر: ٧) ، فالله ـ جل وعلا ـ لا ينقص ملكه بمعصية العصاة، ولا يزيد بطاعة الطائعين، هو ملك الله على كل حال.

ففي هذه الجمل الثلاث دليل على غنى الله ـ سبحانه وتعالى ـ، وكمال سلطانه، وأنه لا يتضرر بأحد ولا ينتفع بأحد؛ لأنه غني عن كل أحد.

ثم قال تعالى: (يا عبادي لو أن أولكم وأخركم، وأنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر) ، هذه الجملة تدل على سعة ملك الله ـ عز وجل ـ وعلى كمال غناه ـ تبارك وتعالى ـ لو أن الأولين والآخرين، والأنس والجن، قاموا كلهم في صعيد واحد، فسألوا الله ما تبلغه نفوسهم، من أس مسألة وإن عظمت، فأعطي الله كل إنسان ما سأل، بل أعطي الله كل سائل ما سأل، فإن ذلك لا ينقص من ملك الله شيئاً؛ لأن الله جواد، واجد، عظيم الغني، واسع العطاء ـ عز وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>