للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر) . أغمس المخيط في البحر، وانظر؛ ماذا ينقص البحر؟ إنه لا ينقص البحر شيئاً، ولا يأخذ المخيط من البحر شيئاً يمكن أن ينسب إليه، وذلك لأنه ـ عز وجل ـ واسع الغنى، جواد، ماجد، كريم ـ سبحانه وتعالى.

(يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها، لكم، ثم أوفيكم إياها) ، ومعنى (إنما هي أعمالكم) أي الشأن كله أن الإنسان بعمله ـ يحصى الله أعماله، ثم إذا كان يوم القيامة وفاه إياها. (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة: ٧، ٨) ، (فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) ؛ لأنه هو الذي أخطأ، وهو الذي منع نفسه الخير، أما إذا وجد خير فليحمد الله؛ لأن الله تعالى هو الذي من عليه أولاً وأخراً، من عليه أولاً بالعمل، ثم من عليه ثانياً بالجزاء الوافر (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا) (الأنعام: ١٦٠) .

فهذا الحديث حديث عظيم، تناوله العلماء بالشرح واستنباط الفوائد والأحكام منه، وممن أفرد له مؤلفاً: شيخ الإسلام أبن تيمية ـ رحمه الله ـ، فإنه شرح هذا الحديث في كتاب مستقل، فعلى الإنسان أن يتدبر هذا الحديث ويتأمله، ولا سيما الجملة الأخيرة منه، وهي أن الإنسان يجزى بعمله، إن خير فخير، وإن شراً فشر، وهذا هو وجه وضع المؤلف لهذا الحديث في باب المجاهدة، أن الإنسان ينبغي له أن يجاهد نفسه، وأن يعمل الخير حتى يجد ما عند الله خيراً وأعظم أجراً. والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>