ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنه ـ أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه -كان يدخله في أشياخ بدر وكان من سيره عمر وهديه ـ رضي الله عنه ـ أنه يشاور الناس ذوي الرأي فيما يشكل عليه، كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:(وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)(آل عمران: ١٥٩) ، والشورى الشرعية ليست تكوين مجلس للشورى حتى يكون مشاركاً في الحكم، ولكن الشورى الشرعية أن ولي الأمر إذا أشكل عليه أمر من الأمور، جمع الناس له من ذوي الرأي والأمانة من أجل أن يستشيرهم في القضية الواقعة، فكان من هدي عمر ـ رضي الله عنه ـ ومن سنته المشكورة، وسعيه الحميد أنه يشاور الناس، يجمعهم ليستشيرهم في الأمور الشرعية، والأمور السياسية، وغير ذلك، وكان يدخل مع أشياخ بدر، أي مع كبار الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ عبد الله بن عباس، وكان صغير السن بالنسبة لهؤلاء، فوجدوا في أنفسهم: كيف يدخ عبد الله بن عباس ـ رضي اله عنهما ـ مع أشياخ القوم ولهم أبناء مثله ولا يدخلهم.
فأراد عمرـ رضي الله عنه ـ أن يريهم مكانة عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ من العلم والذكاء والفطنة، فجمعهم ودعاه، فعرض عليهم هذه السورة: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً، فانقسموا إلى قسمين لما سألهم عنها ما تقولون فيها؟ قسم سكت، وقسم قال: إن الله أمرنا إذا جاء النصر والفتح، أن نستغفر لذنوبنا، وأن نحمده