للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى السلامة وهم إلى الذم أقرب منهم إلى المدح.

هذه المسائل التي يكلف بها الإنسان، وهي من مسائل الغيب، ولم يسال عنها من هو خير منه، وأحرص منه على معرفة الله بأسمائه وصفاته، يجب عليه أن يمسك عنها، وأن يقول: سمعنا وأطعنا وصدقنا وآمنا، أما أن يبحث أشياء هي مسائل الغيب، فإن هذا لا شك أنه من التنطع.

ومن ذلك أيضاً ما يفعله بعض الطلبة من إدخال الاحتمالات العقلية في الدلائل اللفظية؛ فتجده يقول: يحتمل كذا ويحتمل كذا، حتى تضيع فائدة النص، وحتى يبقى النص كله مرجوجاً لا يستفاد منه. هذا غلط. خذ بظاهر النصوص ودع عنك هذه الاحتمالات العقلية، فإننا لو سلطنا الاحتمالات العقلية على الأدلة اللفظية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما بقى لنا حديث واحد أو آية واحدة يستدل بها الإنسان، ولأورد عليها كل شيء، وقد تكون هذه الأمور العقلية وهميات وخيالات من الشيطان، يلقيها في قلب الإنسان حتى يزعزع عقيدته وإيمانه والعياذ بالله.

ومن ذلك أيضاً ما يفعله بعض المتشددين في الوضوء، حيث تجده مثلاً يتوضأ ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر، وهو في عافية من ذلك. يذكر أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ كان يتوضأ، فإذا وجهه الأرض التي تحته ليس فيها إلا نقط من الماء، من قلة ما يستعمل من الماء، وبعض الناس تجده يشدد في الماء فيشدد الله عليه، فإنه إذا استرسل مع هذه الوساوس ما كفاه أربع ولا خمس ولا ست ولا أكثر من

<<  <  ج: ص:  >  >>