يصنع الشيطان بقلب خرب. فاليهود كفار، قلوبهم خربة، فالشيطان لا يوسوس لهم عند صلاتهم، لأنها باطلة من أساسها، إنما الشيطان يوسوس للمسلم الذي صلاته صحيحة مقبولة، ليفسدها، فيأتي للؤمن صريح الإيمان ليفسد هذا الإيمان الصريح، ولكن ـ والحمد لله ـ من أعطاه الله تعالى طب القلوب والأبدان، محمد صلى الله عليه وسلم وصف لنا لهذا طباً ودواءً، فأرشد إلى الاستعاذة بالله والانتهاء، فإذا أحسن الإنسان بشي من هذه الوساوس الشيطانية، فإنه يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولينته ويعرض عنها ولا يلتفت إليها، ويمضي فيما هو عليه، فإذا رأى الشيطان أنه لا سبيل إلى فساد هذا القلب المؤمن الخالص، نكص على عقبيه ورجع.
ثم إنهم لما قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، ولانت لها نفوسهم، وذلت لها ألسنتهم أنزل الله بعدها:(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ)(البقرة ٢٨٥) يعني: والمؤمنون آمنوا (كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)(البقرة: ٢٨٥) ، فبين الله عز وجل في هذه الآية الثناء على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى المؤمنين؛ لأنهم قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.