ثم أنزل الله (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)(البقرة: ٢٨٦) ، فالذي ليس في وسع الإنسان لا يكلفه الله به، ولا عرج عليه فيه، مثل الوسواس التي تهجم على القلب، ولكن الإنسان إذا لم يركن إليها، ولم يصدق بها، ولم يرفع بها رأساً فإنها لا تضره، لأن هذه ليست داخلة في وسعه، والله عز وجل يقول:(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا)(البقرة ٢٨٦) .
فقد يحدث الشيطان الإنسان في نفسه عن أمور فظيعة عظيمة، ولكن الإنسان إذا أعرض عنها واستعاذ بالله من الشيطان ومنها، زالت عنه (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) قال نعم. يعني قال الله نعم لا أؤخذكم إن نسيتم أو أخطأتم (رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) قال: نعم , ولهذا قال الله تعالى في وصف رسوله محمد صلى الله عليه وسلم:(وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ)(الأعراف: ١٥٧) ، (رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) قال الله نعم.
ولهذا لا يكلف الله تعالى في شرعه ما لا يطيقه الإنسان، بل إذا عجز عن الشيء انتقل إلى بدله إذا كان له بدل، أو سقط عنه إن لم يكن له بدل، أما أن يكلف ما لا طاقة له فإن الله تعالى قال هنا: نعم، يعني لا أحملكم ما لا طاقة لكم به (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(البقرة: ٢٨٦) . قال الله: نعم.
(وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا) هذه ثلاث كلمات، كل كلمة لها معنى، (وَاعْفُ عَنَّا) يعني تقصيرنا في الواجب (وَاغْفِرْ لَنَا) يعني انتهاكنا