القباقبية من هناك، كان الأمراء يمنعون أمثالها حرمة للأموي، وقد صدر الأمر سنة ٦٤٧ هبهدمها كلها. وكانت عنايتهم بمداخل الأموي وما حوله كعنايتهم به نفسه، ففي سنة ٦١٠ أمر الملك العادل بوضع سلاسل في أيام الجُمع على الطريق المؤدية إلى الجامع كيلا تصل الدواب إليه، كالسلسلة الممدودة الآن على مدخل سوق الحميدية، في موضع باب النصر الذي كان أحد أبواب دمشق (١).
وفي سنة ٦٦٣ بلّط الطريق من باب الجامع إلى القناة التي كانت عند درجات المسكية التي أُزيلت من أكثر من خمسين سنة ونحن نعرفها، وعُمل إلى جانبها القبلي بركة واشذروان (الشاذروان معناه عندهم لسان من البناء يتدفق منه الماء أو نحو ذلك، ولا يزال يُستعمل بهذا المعنى في الحجاز. والكلمة فارسية الأصل)، وغُطّيت الساقية التي كانت هناك، وجُعل للبركة أنابيب يجري فيها الماء إلى الجهة المقابلة، وسُحب ماؤها من نهر قنوات لينتفع بها الناس عند انقطاع ماء نهر نابلس (بانياس).
ولقد خبّرني ناظر الجامع الشيخ حمدي الحلبي أن تلك الساقية لا تزال موجودة ولكنها مغطّاة وهي تمرّ تحت بيت الخطابة.
[النوفرة]
وكان من عنايتهم بتجميل مداخل الأموي، أن أُقيمت الفوّارة (النوفرة) أسفل درج المسجد عند باب جيرون. وقد أنشئت سنة ٤١٦ وجُرّ إليها الماء من نهر قنوات ظاهر قصر حجاج (نسبة للحجاج بن الوليد بن عبد الملك)،
(١) (رآه ابن جبير وذكره في رحلته واندثر من عهد بعيد). ومن المصادفات غير المقصودة أن سُمّي الشارع المقابل له بشارع النصر وهو أول شارع حديث في دمشق فتحه جمال باشا سنة ١٩١٦ وكان يسمى باسمه.