زار ابن جبير الجامع الأموي في أواخر القرن السادس، ووصفه في رحلته وصفاً دقيقاً صادقاً، رأيت أن أُثبته بحروفه في هذه الرسالة، وأثبت بعده حديثه عن صعوده إلى قبة المسجد.
قال ابن جبير: إن ذرعه في الطول من الشرق إلى الغرب: مائتا مساحته خطوة، وهي ثلاثمائة ذراع، وذرعه في السعة من القبلة إلى الجوف مائة خطوة وخمس وثلاثون خطوة، وهي مائتا ذراع، فيكون تكسيره من المراجع الغربية أربعة وعشرون مرجعاً، وهو تكسير مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أن الطول في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من القبلة إلى الشمال، وبلاطاته (١) المتصلة بالقبلة ثلاث مستطيلة من الشرق إلى الغرب، سعة كل بلاطة منها ثمان عشرة خطوة، والخطوة ذراع ونصف، وقد قامت على ثمانية وستين عموداً، منها أربع وخمسون سارية، وثماني أرجل جصية تتخلّلها، واثنتان مرخّمتان مُلْصَقَتان معها في الجدار الذي يلي الصحن، وأربع أرجل مرخمة أبدع ترخيم مرصّعة بفصوص من الرخام أعمدته ملوّنة قد نُظمت خواتيم وصُوّرت محاريب وأشكالاً غريبة قائمة في البلاط الأوسط تقلّ قبة الرصاص مع القبة التي تلي المحراب، سعة كل رجل منها ستة عشر شبراً، وطولها عشرون شبراً، وبين كل رجل ورجل في الطول سبع عشرة خطوة وفي العرض ثلاث عشرة خطوة، فيكون دور كل رجل منها اثنين وسبعين شبراً
(١) ما بين كل صفين من الأعمدة كانوا يسمّونه بلاطة. وتسمى اليوم (معزبة).