عمارة المسجد من هدي الأنبياء وسنن المؤمنين، وقد بنى إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام الكعبة، البيت الحرام، وكان أول ما صنعه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، هو ببناء مسجد المدينة. وإن كانت عمارة المساجد بالعبادة والعلم والإيمان مقدّمة على تثبيت الأركان، وتعلية الجدران، والإكثار من الزخارف والألوان، بل إن زخرفة المساجد والزيادة في عمارتها على حد الضرورة مما كرهه الإسلام ورغب عنه السلف الصالح.
وقد نص الحنفية على أن الكتابة على جدرانها، ولا سيما في القبلة، لا تستحسن (١).
وكان هذا المسجد في الأصل معبداً وثنياً، فأخذه النصارى فصيّروه كنيسة، فلما كان الفتح الإسلامي ودخل خالد عنوة من جهة الباب الشرقي، ودخل أبو عبيدة صلحاً من جهة باب الجابية، تم الاتفاق على أن تقسم الكنيسة قسمين، ما كان منها في الأرض التي وصل إليها أبو عبيدة صلحاً بقيت كنيسة، وما كان منها فيما فُتح عنوة صار مسجداً. وكانت هذه قوانين الحرب المتعارفة، وكان للظافر أن يمتلك المرافق العامة فيما فتحه بالسيف، وبذلك القانون أخذ النصارى هذا المعبد الوثني من قَبلُ وصيّروه كنيسة.