الدهر، ونادرة الوقت، وأن أمية أبقت به ذكراً لا ينقطع. وقال صديقنا الدكتور صلاح المنجد (١) بأن المستشرقين العارفين بالآثار مُقِرّون بأن تخطيط المسجد وهندسته شيء مبتكر، لا يشبه هندسة الكنائس البيزنطية، وأن كثيراً منها يخرج عن طريقة العمارة السورية النصرانية المتوارثة.
[بناء القبة]
ولما أُقيم هيكل البناء عمد الوليد إلى رفع القبة، وأرادها سامقة باسقة، فلما تمت سقطت، فشق ذلك على الوليد فجاءه بنّاء شامي، فقال: أنا أرفعها بشرط. قال: وما هو؟ قال: أن تُعطوني عهد الله ألا يمد أحد غيري يده إلى بنائها. قال: لك ذلك.
فحفر حتى بلغ الماء. ثم وضع الأساس وغطاه بالحصر، واختفى، وطلبوه سنة كاملة فلم يصلوا إليه، فلما كان بعد السنة جاء، فقال له الوليد: ما دعاك إلى ما صنعت؟ فقال: تخرج معي حتى أُريك. فخرج والناس معه، حتى كشف الحصر، فوجد البنيان قد انحط ونزل قليلاً. وقال: من هنا كان سقوطها، فابنِ الآن فإنها لا تهوي إن شاء الله. وبنى واستقرت القبة.
[هدية اليهودية]
وعزم على أن يغطي القبة بالذهب، فنهاه العقلاء وأرَوْه أن ذلك يستفرغ خزائن من المال، ولا ينفع شيئاً فأمر أن تُغطّى بالرصاص.
(١) في "مسجد دمشق" وهو نص ثمين في ذكر شيء مما استقر عليه المسجد إلى سنة ٧٣٠ هـ. وكل ما في هذا النص موجود بعبارته أو بأكثر تفصيلاً في ذيل "الدارس".