فراغ المجتمع السبعي من القراءة صباحاً يستند كل إنسان منهم إلى سارية، ويجلس أمامه صبي يلقنه القرآن، وللصبيان أيضاً على قراءتهم جراية معلومة، فأهل الجدة من الآباء ينزّهون أبناءهم عن أخذها، وسائرهم يأخذونها، وهذا من المفاخر الإسلامية، وللأيتام من الصبيان محضرة كبيرة بالبلد لها وقف كبير يأخذ منه المعلم له ما يقوم به، وينفق منه على الصبيان ما يقوم بهم وبكسوتهم، وهذا أيضاً من أغرب ما يحدث به من مفاخر هذه البلاد. وتعليم الصبيان للقرآن بهذه البلاد المشرقية كلها إنما هو تلقين، ويعلمون الخط في الأشعار وغيرها تنزيهاً لكتاب الله عزّ وجلّ عن ابتذال الصبيان له بالإثبات والمحو، وقد يكون في أكثر البلاد الملقّن على حدة والمكتب على حدة، فينفصل من التلقين إلى التكتيب لهم في سيرة حسنة، ولذلك ما يتأتى لهم حسن الخط لأن المعلم له لا يشتغل بغيره، فهو يستفرغ جهده في التعليم، والصبي في التعلم، كذلك ويسهل عليه لأنه بتصوير يحذو حذوه.
(مظاهر الجامع) ويستدير بهذا الجامع المكرم أربع سقايات، في كل جامع سقاية، كل واحدة منها كالدار الكبيرة محدقة بالبيوت الخلائية، والماء يجري في كل بيت منها، وبطول صحنها حوض من الحجر مستطيل، تُصبّ فيه عدة أنابيب منتظمة بطوله، وإحدى هذه السقايات في دهليز باب جيرون وهي أكبرها، وفيها من البيوت نيّف عن الثلاثين، وفيها زائداً على السقاية المستطيلة مع جدارها حوضان كبيران مستديران يكادان يُمسكان لسعتهما عرض الدار المحتوية على هذه السقاية، والواحد بعيد عن الآخر، ودور كل واحد منهما نحو الأربعين شبراً والماء نابع فيهما. والثانية (١) في دهليز باب الناطفيين بإزاء المعلمين. والثالثة عن يسار الخارج من باب البريد. والرابعة عن يمين الخارج من باب الزيادة.