الصّواب أن تَنغمِس في وَسط الصهريج انغماسةً يبرد بها جسمك، وليس مع الخليفة إلاّ الحاجب جعفر الخادم الصقلّبيّ أمين الخليفة الحكم، لا رابع لهم، فكأنه استحيا من ذلك وانقبض عنه وقاراً، وأقصر عنه إقصاراً، فأمر الخليفة حاجبه جعفراً بسَبقه إلى النزول في الصهريج ليسهل الأمر فيه على القاضي، فبادر جعفر لذلك وألقى بنفسه في الصهريج وكان يحسن السباحة، فجعل يجول يميناً وشمالاً، فلم يَسَع القاضي إلاّ إنفاذ أمر الخليفة فقام وألقى بنفسه خّلف جَعفر ولاذ بالقعود في درج الصهريج، وتدرّج فيه بعض تدريج ولم ينبسط في السّباحة،
وجعفر يمرّ مصعّداً ومصوّباً، فَدَسَّه الحكم على القاضي وحَمله على مساجلته في العَوم وهو يعجزه في إخلاده إلى القعود، ويعابثه بإلقاء الماء عليه والإشارة بالجَذب إليه، وهو لا ينبعث معه، ولا يفارق موضعه، إلى أن كلّمه الحكم وقال له: ما لك لا تساعد الحاجب في فِعله، وتقعد معه وتتقبّل صُنعَه؟ فمن أجلك نزل، وبسببك تبذّل، فقال له: يا سيدي يا أمير المؤمنين، الحاجب