ألمْ ترَ عَبداً عدا طَورهُ ... ومولىً عفا ورشيداً هدى
ومفسد أمر تلافَيتَهُ ... فعادَ فأصلحَ ما أفسدا
أقِلني أقالك مَنْ لم يزلْ ... يَقيك ويصرف عنك الرّدى
قال محمد بن إسماعيل كاتب المنصور: سرت بأمره لتسليم جسد جعفر إلى أهله وولده، والحضور على إنزاله في ملحده، فنظرته ولا أثر فيه، وليس عليه شيء يواريه، غير كساءٍ خَلق لبعض البوّابين، فدعا له محمد بن مسلمة بغاسل، فغسله - والله - على فردة باب اقتُطع من جانب الدار، وأنا أعتبر من تصرّف الأقدار، وخرجنا بنعشه إلى قبره، وما معنا سوى إمام مسجده المستدعى للصلاة عليه، وما تجاسر أحد منا للنظر إليه، وإن لي في شأنه لخبرا ما سَمع بمثله طالبُ وعظ، ولا
وقع في سمع ولا تُصُوِّر في لَحظ، وقفت له في طريقه من قصره، أيام نهيه وأمره، أروم أن أناوله قصة، كانت به مختصة، فوالله ما تمكّنتُ من الدنو منه بحيلة لكثافة موكبه، وكثرة من حَفَّ به، وأخذ الناس السِّكك عليه وأفواه الطرق داعين، وجارين بين يديه وساعين، حتى ناولتُ قِصَّتي بعض كُتَّابه الذين نصبهم جناحي موكبه لأخذ القِصص، فانصرفت وفي نفسي ما فيها من الشَّرق بحاله والغَصَص، فلم تطل المُدَّة حتى غضِبَ عليه المنصور واعتقله، ونقله معه في الغزوات وحَمَله، واتفق