أحب أن يقوم الخطباء والشعراء بين يديه بذكر جلالة مَقعده، ووصف ما تهيأ له من توطّد الخلافة، ورمى الملوك بآمالها، وتقدم إلى الأمير الحكم ابنه، بإعداد من يقوم لذلك من الخطباء، ويقدّمه أمام نشيد الشعراء، فتقدّم الحكم إلى أبي عليّ البغداديّ، ضيف الخلافة، وأمير الكلام، وبحر اللّغة أن يقام، فقام رحمه الله وأثنى على الله وصلّى على النبي (صلى الله عليه وسلم)، ثم انقطع وبُهت، فما وصل إلاّ قطع، ووقف ساكتاً متفكّراً، وتشوّف لا ناسياً ولا متذكّراً، فلمّا رأى ذلك منذر بن سعيد قام من ذاته، بدرجة من مرقاته، فوصل افتتاح أبي عليّ البغدادي بكلام عجيب، ونادى من الإحسان في ذلك المقام كل مجيب، وقال: أما بعد، فإن لكلّ حادثة مقاماً، ولكلّ