للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإستغفار في الآية الأولى هو نوع من الدعاء والشفاعة للمذنبين (١)، وانتقاض النفي في الآية الثانية يعني شفاعة الملائكة بعد إذن الله لمن يشاء ورضاه وهنّ بشارة للمؤمنين (٢).

وجاء في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً: (( ... شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون)) (٣) ... الحديث.

وجاء أيضاً في حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتقادع بهم جنبه الصراط تقادع الفراش في النار قال: فينجي الله تبارك وتعالى برحمته من يشاء ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشهداء أن يشفعوا فيشفعون ويخرجون ويشفعون ويخرجون ... )) (٤).

والنصوص كلها تصرح أن شفاعة الملائكة هي في إخراج الموحدين من النار يقول الإمام الرازي- في تفسير قوله "ويستغفرون للذين آمنوا" (٥): ((والاستغفار طلب المغفرة، والمغفرة لا تذكر إلا في اسقاط العقاب، أما طلب النفع الزائد فأنه لا يسمى استغفاراً، وهذا يدل على أنهم يستغفرون لكل أهل الآيمان فإذا دللنا على أنّ صاحب الكبيرة مؤمن وجب دخوله تحت هذه الشفاعة ... )) (٦).

وقد يشكل أمر: هو هل الملائكة تشفع أولاً ام نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فالنصوص بعضها ينص على شفاعة الملائكة -كما مر معنا- "شفعت الملائكة وشفع النبيون ... "، وكذا ما أخرجهُ الحاكم من حديث أبن مسعود - رضي الله عنه - (( ... أول شافع جبريل (روح القدس))) (٧).

ونصوص أخرى تصرح بأن الشافع الأول هو نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - كالشفاعة في المحشر وغيرها (٨). وجمع بينها الحافظ أبن حجر بقوله:"أن الجميع شفعوا وتقدم النبي قبلهم في


(١) انظر التفسير الكبير، الرازي٢٧/ ٣٤و٢٨/ ٣٠٧،والاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى٣/ ١٣٣٧.
(٢) انظر التفسير الكبير ٢٨/ ٣٠٧ وتفسير القرآن العظيم، ابن كثير ٤/ ٥٥.
(٣) انظر تخريجه برقم (١٤).
(٤) انظر تخريجه برقم (١٧). وانظر الفتح الرباني، للساعاتي٢٤/ ١٥٦.
(٥) غافر /٧.
(٦) التفسير الكبير ٢٧/ ٣٤، بتصرف يسير وانظر لوامع الأنوار البهية، االسفاريني ٢٠٩.
(٧) اخرجه الحاكم ٤/ ٤٩٦، وانظر تخريجه برقم (٢٣).
(٨) ٥ انظر ص٥٦ من بحثنا.

<<  <   >  >>