للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبعض كالريح ... وهكذا. فناجٍ مخدوش أو ساقط مكدوس -والعياذ بالله- وهذه الشفاعة من الشفاعات العامة التي يشارك النبي - صلى الله عليه وسلم - غيره فيها كألانبياء الصالحين وغيرهم (١).

وقد عدها من شفاعات النبي - صلى الله عليه وسلم - الكثير من أهل العلم: ((كالقاضي عياض، والقرطبي، والنووي، وإبن تيمية، وإبن كثير، وإبن أبي العز، والحافظ إبن حجر)) (٢) وغيرهم.

[النوع السادس: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض أهل النار في ان يخرجوا منها:-]

إن من مات من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يرتكب كبيرة في حياته أو ارتكب فتاب توبة نصوحا. أولئك يدخلون الجنة من أول الامر دون عذاب -برحمه الله- إلا من شاء الله- واما الذين يسقطون في جهنم فانهم أولئك الذين ماتوا مصرين على كبائرهم ومعاصيهم وهؤلاء ثبتت شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم وهو المراد بها هنا، فقد صح من حديث انس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((شفاعتي لأهل الكبائر من امتي)) (٣).

وهذه الشفاعة لا تكون إلا لمن كان من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أي كان من أهل العهد (٤). فلا يشفع النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر إلا ان يكتون من امته، على ما هو عليه ظاهر الحديث. وهذا من عظيم رحمته - صلى الله عليه وسلم -، وشفقته على امته، وتكريم الله تعالى لهذه الامة، فمهما عمل المؤمن من أعمال دون الشرك فهو في المشيئة الالهية -ان شاء عفا عنه- ابتداء وان شاء عذبه، يقول تعالى ((إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) (٥).

وقد نص على ذلك جمهور أهل العلم من المسلمين، يقول أبو حنيفة -رحمه الله- ((وشفاعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حق لكل من هو من أهل الجنة وان كان صاحب كبيرة)) (٦)، ونقل الباقلاني:- اجماع أهل السنة والجماعة على صحة شفاعته - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر فقال "اعلم ان أهل السنة والجماعة اجمعوا على صحة الشفاعة منه - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر من هذه


(١) انظر ص٨٠ من كتابنا هذا.
(٢) سبق ذلك مفصلاً في ص٤٢.
(٣) انظر تخريجه برقم (٥٨). وله شواهد برقم (٥٩ - ٦٦).
(٤) سبق ذلك ص٣٧.
(٥) النساء /٤٨.
(٦) الفقه الاكبر، شرح السمرقندي ص٩٠.

<<  <   >  >>