للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك انما كنت خليلاً من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى - صلى الله عليه وسلم - الذي كلمه الله تكلما، فيأتون موسى - صلى الله عليه وسلم - فيقول لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى - صلى الله عليه وسلم - لست بصاحب ذلك فيأتون محمدا - صلى الله عليه وسلم - فيقوم ويؤذن فيؤذن له وترسل الامانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً. فيمر أولكم كالبرق قال: بأبي أنت وامي أي شيء كمر البرق؟ قال: الم ترو إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفه عين ثم تم كمر الريح، ثم كمر الطير وشد الرجال تجري بهم اعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سَلَّمْ سَلَّمْ. حتى تعجز أعمال العباد وحتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا، قل وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة باخذ من امرت به فمخدوش (١) ناجٍ ومكدوس (٢) في النار. -والذي نفس أبي هريرة بيده ان قعر جهنم سبعون خريفاً-)) (٣).

ولم أجد مستندا لهذا النوع من الشفاعة غير هذا الحديث وهو أصرح حديث في هذه الشفاعة، وقد عده الحافظ إبن حجر مستندا لها (٤).

وأما إبن قيم الجوزية فإنه يقول: ((وهذا النوع لم اقف إلى الان على حديث يدل عليه)) (٥).

ويبدو من الحديث ان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشفع للبعض ممن لم يسعفه عمله فيقصر به ويبطيء به المسير -من أهل الإيمان- فيدعو النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ويتشفع لهم بقوله: اللهم سلم سلم. فان كان ذاك الشخص من أهل النجاة استجاب الله لنبيه وشفعه فيه، والا فلعله ممن يخرج بشفاعة غير النبي أو يخرج بشفاعته بعد ان يسقط في النار أو ان يكون من أهل القبضة -والله اعلم-.

وعلى قدر عمل الانسان تكون سرعته في المرور على الصراط فالبعض كالبرق،


(١) أي تخدشه الكلاليب ولكن تدركه الشفاعة، وخدش الجلد أي قشره بعود أو نحوه. انظر النهاية في غريب الحديث، إبن الاثير ٢/ ١٤.
(٢) أي ساقط في النار. انظر النهاية في غريب الحديث ٤/ ١٥٥.
(٣) اخرجه مسلم، الإيمان: باب ادنى أهل الجنة منزلة فيها (٣٢٩)، وأبو يعلى (٦٢١٦).ح١١/ ٧٩ وانظر مضانة في المسند الجامع٥/ (٣٤٠١).
(٤) انظر فتح الباري ١١/ ٥٢٢.
(٥) شرح سنن أبي داود، الذي بهامش عون المعبود ١٣/ ٧٧ - ٧٨.

<<  <   >  >>