للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السادس

شروط الشفاعة

ذكر أهل العلم شرطين للشفاعة اعتماداً على قوله تعالى ((وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً الا من أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى)) (١) وقوله ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضى له قولاً)) (٢) وغيرها وهذا العموم لم اجد له مخصصاً -فيما علمت- فالشرطان هما: (الرضى، والاذن) (٣) وجاءت الاثار النبوية تؤيد هذا فمنها ما صح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً ((فاتي فاخرُ تحت العرش ساجدا فيقول الرب جل وعلا: يا محمد: ارفع راسك وسل تعطه ... )) (٤).

الشرط الأول: الإذن:-

ويتعلق هذا الشرط بالله-تعالى- وهو سماح رب العزة جل جلاله في مباشرة الشفاعة، ولا يمكن لاي مخلوق مهما علا منزله أن يشفع لاحد الا من بعد أن يستأذن رب العزة جل جلاله فيسمح له بذلك، قال تعالى ((مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُالا بإذنه ... )) (٥). فالله تعالى هو الذي يأذن للشافع بان يشفع، وللمشفوع له بان يُشفّع وللشفاعة أن تحل في أي وقت شاء، وذهب إبن تيميه إلى أن الاذن ((هو اذن للمشفوع له)) وقصره عليه. يقول في قوله تعالى ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة الاّ شفاعة من اذن له الرحمن ورضي له قولا)) (٦). وفيه قولان ((قيل: لاتنفع الشفاعة الا لمن اذن له الرحمن فهو الذي تنفعه الشفاعة وهذا هو الذي يذكره طائفة من المفسرين لا يذكرون غيره، لأنه لم يقل ((لاتنفع الشفاعة الاّ من اذن له)) فهي لا تنفع، ولا ينتفع بها


(١) النجم /٢٦.
(٢) طه /١٠٩.
(٣) انظر الحسنة والسيئة، إبن تيميه ص ٩٨،٩٩ والعقيدة الاسلامية، عبد الرحمن الميداني ص ٦٦٣، ونور الاسلام، الشيخ عبد الكريم المدرس ص٢٨٦، واصول الدين الاسلامي، رشيدي عليان، وقحطان الدوري ص٣٨٣.
(٤) انظر تخريجه برقم (١٠).
(٥) البقرة /٢٥٥، وإنظر جامع البيان، الطبري ٣/ ٦٢، والتفسير الكبير، الرازي ٢٨/ ٣٠٧.
(٦) طه /١٠٩.

<<  <   >  >>