للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: شفاعة المؤمنين:-]

وهي شفاعة ثابتة بالحديث الصحيح فقد جاء من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " ... فما انتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار فإذا رأوا انهم قد نجوا في إخوانهم يقولون: ربنا إخواننا الذين كانوا يصلّون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: ((اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من أيمان فأخرجوه ويحرم الله صورهم على النار فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه والى انصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون فيقول: أذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من أيمان فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوني فأقرؤوا "أن الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها" (١) فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار: بقيت شفاعتي ... )) (٢) الحديث.

فالمؤمنون يشفعون لإخوانهم ممن سقط في جهنم فينا دون ربهم- سبحانه- ويطلبون شفاعةً في إخوانهم وأصحابهم فيشفعّهم الله تعالى فيهم.

وقوله لهم: أخرجوا من عرفتم المقصود منه الأذن في الإخراج وليس مباشرة الإخراج، لأن ذلك من وظيفة الملائكة، ويستفاد من القول هذا أن الشفاعة محددة، فالإخراج لمن عرفوا وليس لمن أرادوا، فقد تريد أن تخرج زيداً من الناس ولكن الله قد شوه وجه بالنار -والعياذ بالله- فلا تستطيع أن تعرفه ومن أراد الله لهم النجاة والخروج أبق دارات وجوههم. حيث أخرج الإمام مسلم بسنده عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - مرفوعاً ((أن قوماً يخرجون من النار يحترقون فيها إلا دارات وجوههم حتى يدخلوا الجنة)) (٣). والشافع هذا قد يشفع لواحد أو أكثر وقد يشفع للقبيلة فقد جاء في حديث ابن أبي الجدعاء ((يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم قيل" يا رسول الله سواك؟


(١) النساء/٤٠.
(٢) انظر تخريجه برقم (١٤).
(٣) اخرجه مسلم، الايمان، برقم (٣١٩).وانظر تخريجه كاملاً برقم (٦٠).

<<  <   >  >>