للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد مر معنا شرح الحديث في "شفاعة كلمة التوحيد" (١)، ولا فائدة في تكرار الكلام ولكني أردت أن أبين معنى "من امتك"، هذه خصوصية لامة محمد صلى الله عليه وسلم عامة، ويشمل أمة الاجابة، وامة الدعوى، نص على ذلك الإمام إبن حجر والإمام العيني:

يقول إبن حجر: ((ويعني أمة الاجابة ويحتمل ان يكون اعم من ذلك، أي أمة الدعوة وهو متوجه)) (٢).

وأما الاقتصار على الزنا، والسرقة ففيه حكمة.

((وهي الاشارة إلى جنس حق الله تعالى وحق العباد. وقد يتخذه بعض الجهلة ومرضى القلوب مسوغاً إلى الاقدام إلى الموبقات، وليس هو على ظاهره فان القواعد استقرت على ان حقوق الآخرين لا تسقط بمجرد الموت على الإيمان ولكن لا يلزم من عدم سقوطهما ان لا يتكفل الله بها عمن يريد الله ان يدخله الجنة)) (٣).

وكأنني بأبي ذَّر قد استحضر قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزن الزاني حين يزني وهو مؤمن))؟! لأن ظاهر الحديث يعارض حديثنا هذا فكيف الجمع؟

يقول الحافظ إبن حجر:- ((الجمع بينهما على قواعد أهل السنة بحمل هذا على الإيمان الكامل، ويحمل حديث الباب على عدم التخليد)) (٤).

نص آخر:-

جاء في الحديث عن أبي موسى الاشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أمتي أمة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب انما عذابها في الدنيا القتل والبلابل والزلازل)) (٥).

إن هذه الأمة المحمدية اكرمها الله-تعالى- بان جعل ما تلاقيه من عذاب في الدنيا من نصب وحزن فانه يغفر لها من ذنوبها.

إنّ من كان من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فانه لا يزال بالمصائب الدنيوية تنزل عليه حتى تتركه ولا ذنب عليه بل ان الشوك ليشاك بها الرجل فتكفر عنه من سيئاته، والحدود الدنيوية من


(١) انظر ص٨٨ مما سبق.
(٢) فتح الباري ٣/ ١٤٣ بتصرف يسير، وانظر عمدة القاري، العيني٨/ ٤.
(٣) فتح الباري ٣/ ١٤٤، وانظر عمدة القاري ٨/ ٥.
(٤) فتح الباري، سبق وانظر شرح مسلم النووي ٢/ ٩٧.
(٥) انظر تخريجه برقم (١١٤)، وانظر شرح مسند أبي حنيفة، ملا علي القاري ص ٢٨٠.

<<  <   >  >>