للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثياب: فأخرجته من عقاصها (١) فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه: من حاطب بن بلعته- إلى ناس من المشركين من أهل مكة - يخبرهم ببعض امر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:ياحاطب! ماهذا؟ قال لا تعجل عليّ يارسول الله اني كنت امرءاً ملصقاً في قريش ((قال سفيان: كان حليفاً لهم ولم يكن من أنفسها)) وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها اهليهم فاحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم ان اتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، ولم افعله كفراً ولاارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"صدق " فقال عمردعني: يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق فقال: ((انه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدراً فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) (٢).

فالمراد من الغفران هنا: الغفران الاخروي لا الدنيوي والا فمعنى ذلك ان من ارتكب حداً من اصحاب بدر والشجرة لا يقام عليهم الحد وهذا باطل فقد صرح القاضي عياض بالاجماع على اقامة الحد عليهم واستدل باقامة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الحد على بعضهم، قال: وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - مسطحاً وكان بدرياً (٣).

وجاء في لفظة اخرى للحديث "يا رسول الله ليدخلنّ حاطب النار فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذبت لا يدخلها فانه شهد بدراً والحديبية" وهذا الحديث صريح بان تلك الواقعتين تشفعان فقوله ((كذبت لا يدخلها هي الاخبار عن الشيء على ما خلاف ما هو عمداً كان أو سهواً سواء كان الاخبار عن ماضٍ أم مستقبل وخصته المعتزلة بالعمد، وهذا يُرّد عليهم، وقال بعض أهل اللغة لا يستعمل الكذب إلا في الاخبار عن الماضي بخلاف ما هو مستقبل وهذا الحديث يرد عليهم -والله اعلم-)). (٤)

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - لعل الله ... "أو "ان شاء الله ... " فهو على سبيل القطع والترك وليس على سبيل الشك (٥).


(١) أي ضفيرتها، انظر مختار الصحاح، الرازي ص٦٦٤.
(٢) أخرجه مسلم، فضائل الصحابة (١٦١). وأنظر مظانه في المسند الجامع ١٣/ (١٠٢٨٣).
(٣) انظر شرح مسلم١٦/ ٥٦ - ٥٧، وفتح الباري، إبن حجر ٧/ ٣٨٨.
(٤) شرح مسلم، النووي١٦/ ٥٧ بتصرف يسير.
(٥) انظر شرح مسلم ١٦/ ٥٨، وانظر فتح الباري، إبن حجر ٧/ ٣٨٨.

<<  <   >  >>