للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فارقنا الناس في الدنيا افقر ما كنا اليهم ولم نصاحبهم فيقول: انا ربكم فيقولون: نعوذ بالله منك. لا نشرك بالله شيئاً (مرتين أو ثلاثاً) حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب. فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم.

فيكشف عن ساق. فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود. ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله. ظهره طبقة واحدة. كلما أراد أن يسجد خر على قفاه. ثم يرفعون رءوسهم، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرةٍ. فقال: انا ربكم. فيقولون: انت ربنا. ثم يضرب الجسر على جهنم. وتحل الشفاعة. ويقولون: اللهم! سلم سلم. قيل: يا رسول الله! وما الجسر؟ قال دحض (١) مزلة فيه خطاطيف (٢) وكلاليب (٣) وحسك (٤). تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان. فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب. فناج مسلم. ومخدوش مرسل. ومكدوس في نار جهنم.

حتى إذا خلص المؤمنون من النار، فَوَالذي نفسى بيده! ما منكم من أحد بأشد مناشدة الله، في استقصاء الحق، من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار. يقولون: ربنا! كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون. فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم. فتحرم صورهم على النار. فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار إلى نصف ساقية والى ركبتيه. ثم يقولون: ربنا! ما بقى فيها أحد ممن أمرتنا به. فيقول: ارجعوا. فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقاً كثيراً. ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا. ثم يقول: ارجعوا. فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقاً كثيراً. ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها ممن أمرتنا أحداً. ثم يقول: ارجعوا. فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرةٍ من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقاً كثيراً. ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها خيراً)).

-وكان ابو سعيد الخدري يقول: أن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقراوا أن شئتم: ((إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تَكُ حسنةً يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيما)) (٥) -.


(١) أي زلق، انظر النهاية في شرح الحديث، إبن الأثير ٣/ ١٠٤.
(٢) الخطف: إستلاب الشيء وأخه بسرعة. أنظر الهاية في غريب الحديث ٣/ ٤٩.
(٣) هي شوكة صلبة. أنظر النهاية في غريب الحديث ١/ ٣٨٦.
(٤) النساء/٤٠.
(٥) النساء/٤.

<<  <   >  >>