للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشفعون إلا لمن أرتضى)) (١)، فهذا قصور في الحجة فكما بينّا في أنواع الشفاعات من كونها كثيرة ومختلفة، فمنها ما هو للناس كافة، ومنها ما هو للمؤمنين فقط. ومنها للمذنبين فحسب، وغيرها من الشفاعات. أما حصرها في هذه البوتقة فهو قصور في الفهم وتعطيل للكثير من النصوص.

وهب أنا سلمنا بهذا القول، فأنه جزماً سيتعارض مع أصحاب المذهب أنفسهم وإلاّ فشفاعة الموقف - وهم يعدونها ويقرون بها- اليست تشمل البّر والفاجر؟ عابد الرحمن وعابد الشيطان؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!

ومعنى الشفاعة يتجسد بشكل اكبر عند الشفاعة لمن سقط في النار، منه في رفع الدرجات لأهل الأحسان وأن كانت الأخيرة نعمة عظيمة بيد أنها في المؤمنين ممن أخذته النار أكبر (٢) -يقول إبن حزم:- ((وهذا لا حجة لهم فيه لأن من اذن الله في أخراجه من النار وأدخله الجنة وأذن للشافع في الشفاعة له في ذلك فقد أرتضاه)) (٣).

وقال التفتازاني: ((لا نسلم أن من ((ارتضى)) لا يتناول الفاسق فأنه مرضي من جهة الايمان والعمل الصالح وأن كان مبغوضاً من جهة المعصية)) (٤)

وأقول: أن شرط الأذن بالشفاعة متعلق بالله تعالى -قال تعالى ((مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُإلا باذنه)) (٥) ... وشرط الرضى متعلق بالشافع وليس بالمشفوع له قال تعالى: ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً)). (٦) وشرط العهد متعلق بالمشفوع له قال تعالى ((لا يملكون الشفاعة إلا من أتخذ عند الرحمن عهداً)). أذن فالرضى ليس له علاقة بالمشفوع له، ول كان مرضي عنه فلماذا اذن يدخل النار؟!! - والله اعلم-.

الوجه الرابع:-

الآثار التي ذكروها ((لا تنال شفاعتي أهل الكبائر من امتي)) حديث لا اصل له.


(١) الأنبياء /٢٨.
(٢) أنظر الأبانه عن أصول الديانة، الاشعري ٢٩٥
(٣) الفصل ٤/ ٦٤، وانظر العقيدة الاسلامية، محمد عياش ص٣٠٥.
(٤) شرح المقاصد ٥/ ١٦٠
(٥) البقرة ٢٥٥
(٦) طه ١٠٩

<<  <   >  >>