للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - المقام المحمود: هو الإقعاد على عرش الرحمن:-

نقل الامام الطبري في تفسيره قال ((حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال حدثنا إبن نفيل عن ليث عن مجاهد في قوله "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" (١) قال: يجلسه معه على عرشه)) (٢)، ونقل ايضاً ذلك أبو بكر إبن العربي المالكي فقال في تفسير قوله تعالى: ((وتخفي في نفسك ما الله مبديه)) (٣): ((فهذا محمد - صلى الله عليه وسلم - ما عصى ربه لا حال الجاهلية ولا بعدها تكرمة وتفضيلاً واجلالاً احله به المحل الرفيع ليصلح أن يقعد معه على كرسيه)) (٤).

وقد أول الطبري والقرطبي هذا الحديث على الرغم من انهما يرجحان أن معنى المقام المحمود هو الشفاعة كما مر معنا. فقالا: ((هو ليس بمدفوع لا من جهة العقل ولا النقل)) (٥) وممن اقره من المفسرين ايضاً الآلوسي اذ دافع عنه دفاعاً واضحاً حتى انه رد الواحدي "رحمه الله" وناقش ادلته واحداً تلو الاخر، ثم ختم نقاشه بقوله ((والصوفية يقولون أن لله عز وجل الظهور فيما يشاء على ما يشاء وهو سبحانه في حال ظهوره باق على اطلاقه حتى عن قيد الاطلاق فانه العزيز الحكيم ومتى ظهر جل وعلا في صورة اجريت عليه سبحانه احكامها من حيث الظهور فيوصف عز مجده عندهم بالجلوس ونحوه من تلك الخشية وينحل بذلك امور كثيرة إلا انه بنى على مادون اثباته خرط القتاد)) (٦) وقد اختار ذلك من المحدثين القاضي أبو يعلى وذكر أن احد المحدثين -هو سعيد الجريري- (٧) قال ((إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم فاقعد بين يدي الله عز وجل على كرسيه فقال الحاضرون: إذا كان الكرسي هو معه؟ قال: نعم، ويلكم هو معه، هو معه)) (٨) ونسب


(١) الاسراء / ٧٩.
(٢) جامع البيان ٩/ ١٤٥ وانظر الدر المنثور في التفسير بالمأثور، السيوطي ٥/ ٣٢٨
(٣) الاحزاب/ ٣٧.
(٤) احكام القرآن ٣/ ١٥٣٠
(٥) جامع البيان ٩/ ١٤٧ والجامع لاحكام القران ١٠/ ٣١١، وانظر فتح الباري ١١/ ٥٢١
(٦) روح المعاني ١٥/ ١٣٢.
(٧) انظر ترجمة في الاعلام.
(٨) ابطال التأويلات ٢٨٠ - ٢٨١ مخطوط ونقل الذهبي في العلو ص١٦ أبياتا عن الدارقطني يثبت فيها الاجلاس، وانظر النهاية في الفتن، إبن كثير ٢/ ٤٠، ونسيم الرياض٢/ ٣٤٣.

<<  <   >  >>