للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقول بما اقتضاه حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - مرفوعاً: "يجمع الناس في صعيد واحد فيقال يا محمد، فاقول لبيك وسعديك والخير في يديك والمهدي من هديت وعبدك بين يديك وبك واليك تباركت وتعاليت، سبحانك لا ملجأ ولا منجأ منك إلا اليك" (١). وهذا لا يغاير الأول (٢)، ونقل إبن حجر اقولاً اخرى فلتنظر هناك (٣).

وذكر الآلوسي قولاً آخر في تفسيره نقلاً عن الشيخ شهاب الدين السهروردي (٤) " أن يكون المقام المحمود هو اعطاؤه "عليه الصلاة والسلام" مرتبة من العلم لم تعط لغيره من الخلق اصلاً فإنه ذكر في رسالة له في العقائد أن علم عوام المؤمنين يكون يوم القيامة كعلم علمائهم ... ) (٥)

ويمكن رد الأقوال كلها إلى الشفاعة العامة ((فإن اعطاءه لواء الحمد وثناءه على ربه وكلامه بين يديه وجلوسه على كرسيه وقيامه اقرب من جبريل كل ذلك صفات المقام المحمود الذي يشفع فيه ليقضي بين الخلق وأما شفاعته في إخراج المذنبين من النار فمن توابع ذلك)) (٦).

وهكذا نخلص ان المراد من قوله تعالى: ((عسى ان يبعثك ربك مقامًا محمودا)) (٧) هو اعطاءه - صلى الله عليه وسلم - الشفاعة، وتبين بجلاء بطلان القول بان المراد من المقام: اجلاسه على عرش الرحمن.

وبعد أن بينا هذا يعترضنا سؤال هو:- أيكون المقصود من الشفاعة مطلقها؟ ام الشفاعة العظمى؟ ام شفاعة الإخراج من النار؟ سؤال مهم تجب الاجابة عليه، فنقول:

ذهب اهل العلم في محل شفاعة المقام المحمود إلى اقوال مختلفة هي:

أولاً:- المقام المحمود: هو الشفاعة مطلقاً.

نقل الإمام الطبري في تفسيره نصوصاً بعضها يصرح بمطلق الشفاعة، فقد اخرج عن إبن عباس قوله: المقام المحمود: مقام الشفاعة، وكذا عن الحسن البصري ومجاهد


(١) انظر تخريجه برقم (٣٩)، وانظر جامع البيان، الطبري ٩/ ١٤٥، وفتح الباري ١١/ ٥٣٤.
(٢) فتح الباري ١١/ ٥٢٢.
(٣) انظر فتح الباري سبق.
(٤) انظر ترجمته في ملحق الاعلام.
(٥) روح المعاني ١٥/ ١٣٢ بتصرف يسير.
(٦) فتح الباري١١/ ٥٢٢.
(٧) الاسراء / ٧٩.

<<  <   >  >>