للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فان الحافظ إبن حجر قال استدراكاً على كلامه " وسيأتي بقية الكلام على المقام المحمود في تفسير سورة سبحان، إن شاء الله تعالى" (١).

وقال في الموضع الذي أشار اليه:" المقام المحمود نوعان: الأول العامة في فصل القضاء، والثاني الشفاعة في إخراج المذنبين من النار" (٢).

ومقتضى هذا الرأي: أن المقام المحمود هو شفاعته - صلى الله عليه وسلم - لجميع الناس وجميع الامم، وانما سمي محموداً، لان اهل الجمع كلهم يحمدونه (٣).

ثالثاً: هو الشفاعة الخاصة بالامة المحمدية في الإخراج من النار:-

أخرج الإمام مسلم بسنده عن يزيد الفقير، قال: كنت قد شغفني رأي من رأى الخوارج فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج، ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة فاذا جابر بن عبد الله يحدث القوم جالس على سارية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فاذا هو ذكر الجهنميين قال فقلت له: يا صاحب رسول الله ما هذا الذي تحدثون؟ والله يقول: " انك من تدخل النار فقد اخزيته" (٤)، و ((كلما ارادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها)) (٥) فما هذا الذي تقولون؟ قال فقال: اتقرأ القران؟ قلت: نعم. قال: فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام " يعني الذي يبعثه الله فيه" قلت: نعم. قال: فانه مقام محمد - صلى الله عليه وسلم - المحمود الذي يخرج الله به من يخرج ... " (٦). ونقل هذا القول الطبري عن سليمان وقتادة، وكذا نقله إبن خزيمة عن أبي هريرة " رضي الله عنه" مرفوعاً في قوله "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" (٧).

قال: هو المقام الذي اشفع فيه لامتي" (٨) وكثير من النصوص التي جاءت بلفظ امتي .. امتي .. تشعر أن المراد من المقام المحمود الشفاعة الخاصة للامة، (٩) وباخراجها من النار وادخالها الجنة.

ويرد إشكال هنا: أن كان المقام خاصاً بالامة المحمدية .. فما معنى طواف الناس


(١) فتح الباري، إبن حجر ٣/ ٤٣٣.
(٢) فتح الباري ١١/ ٥٢١.
(٣) فتح الباري ١١/ ٥٢٢
(٤) آل عمران / ١٩٦.
(٥) السجدة / ٢٠.
(٦) اخرجه مسلم، الايمان (٣٢٠)، وانظر تخريجه برقم (٦٧).
(٧) الاسراء / ٧٩.
(٨) حديث صحيح اخرجه إبن خزيمة في التوحيد ص٣٠٥.
(٩) انظر الاحاديث برقم (٩ - ١١)، وانظر نسيم الرياض، الخفاجي ٢/ ٣٤٧.

<<  <   >  >>