للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عكاشة)) (١).

وجاءت الفاظ هذا الحديث متعددة فجاءت "عرضت علي الامم" وعند الترمذي والنسائي ((لما أُسْرِيَ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جعل يمر بالنبي ومعه الواحد ... )) (٢). فهل هذا الاسراء هو الاسراء المكي؟ أو اسراء ثان في المدينة؟.

أجاب إبن حجر عن ذلك بانه اسراء ثان وقع في المدينة ثم قال: ((والاسراء الذي وقع في المدينة ليس فيه ما وقع بمكة، من استفتاح أبواب السماوات باباً باباً ولا من التقاء الأنبياء كل واحد في سماء، ولا المراجعة معهم ولا المراجعة مع موسى فيما يتعلق بفرض الصلوات، ولا في طلب تخفيفها وسائر ما يتعلق بذلك، وانما تكررت قضايا كثيرة سوى ذلك، رءاها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمنها بمكة البعض، ومنها بالمدينة بعد الهجرة البعض ومعضمها في المنام)) (٣).

وأما قوله: ان النبي يمر ومعه أمة، والاخر معه النفر والاخر معه العشرة والاخر ليس معه احد فان ذلك بحسب استجابتهم للدعوة وتصديقهم بالرسل فبعضهم هلكت اقوامهم، وبعضهم نجا معه النفر والنفرات ... وسؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: "هؤلاء امتي؟ " ينم على حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - فانه قالها لما راى سوادا عظيما طمعا منه ان تكون امته اكثر الامم انذاك.

وقد يسأل سائل فيقول: ألم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف امته وهم أهل العلامات -غر محجلون- التي تميزهم عن سائر الامم حتى يسأل جبريل -عليه السلام-؟ ويجاب على ذلك بأنه رآهم من بعيد فلم يميزهم أول الامر ولكن متى ما قربوا منه فإن يميزهم بتلك العلامة (٤). وقد يكون شوق النبي - صلى الله عليه وسلم - وحرصه عليهم هو الذي جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يتمنى ان يكون هؤلاء امته لما رأى من كثرة عددهم وهو يعلم -يقيناً- ان امته اكثر الامم يقول - صلى الله عليه وسلم - (( ... وأنا أكثرهم تبعاً يوم القيامة)) (٥).

وأما المراد من قوله: ((هؤلاء امتك، وهؤلاء سبعون الفا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب)). فالمراد بالمعية هنا المعنوية وإلا فإن السبعين ألفا المذكورين من جملة أمته


(١) انظر تخريجه برقم (٤٥).
(٢) مصدر سابق.
(٣) فتح الباري ١١/ ٤٩٦.
(٤) انظر فتح الباري ١١/ ٤٩٧.
(٥) انظر تخريجه برقم (٢٤).

<<  <   >  >>