للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الدعوة خاصة بنبينا - صلى الله عليه وسلم - والتي قد ميز بها عن بقية الأنبياء، وعن بقية الشفعاء بأن يشفع لكل أفراد أمته، فمن قال لا اله إلا الله يدخل الجنة ولو لم يعمل خيراً قط. وقد صح من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطيت خمساً لم يعطهن احد قبلي ... .. وقيل لي: سل تعطه واختبأت دعوتي شفاعة لامتي في القيامة وهي نائلة -ان شاء الله- من لم يشرك بالله شيئاً)) (١).

وأما إخراجهم من النار فإنه يكون حسب الأعمال وبشكل محدد فيبين الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في كل طور من أطوار الشفاعة حدا يقف عنده ولا يتعداه، مثل ان يقول شفّعتك فيمن أخل بالجماعة، ثم فيمن أخل بالصلاة، ثم فيمن شرب الخمر، ثم فيمن زنى ... وهكذا.

وهذا يدل على تفضل مراتب المخرجين (٢). وقد صحّ من حديث انس - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((يخرج من النار من قال لا اله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ويخرج من النار من قال لا اله إلا الله وفي قلبه وزن برة ويخرج من النار من قال لا اله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير)) (٣).

وفي كل طور من أطوار الشفاعة في الإخراج يأتي - صلى الله عليه وسلم - ويخّر تحت عرش الرحمن فيقال له: اشفع وهكذا ... .

جاء من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - ((فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من برة أو شعيرة من ايمان فاخرجه منها)) فانطلق فافعل، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً فيقال لي: يا محمد: إرفع رأسك وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأقول: أمتي أمتي فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منها. فأنطلق فافعل. ثم اعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ثم اخر له ساجداً فيقال لي: يا محمد ارفع راسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع. فاقول: يا رب أمتي أمتي: فيقال لي: ((انطلق فمن كان في قلبه ادنى ادنى ادنى من مثقال حبة خردل من إيمان فاخرجه من النار فانطلق فافعل)) (٤). ثم يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((يا رب ائذن لي فيمن قال


(١) انظر تخريجه برقم (٣٤).
(٢) انظر فتح الباري ١١/ ٥٣٤.
(٣) انظر تخريجه برقم (١١).
(٤) أنظر مصدر سابق.

<<  <   >  >>