للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي طالب من المنزلة والمكانة في قريش لا يشيع اسلامه آنذاك، حتى لا يثبت ذلك؟!!.

اضف إلى ما مر فانه قد ثبت في الحديث الصحيح عن علي - رضي الله عنه -:- ((لما توفي أبو طالب اتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ان عمك الشيخ (الضال) قد مات ... )) (١).

فهو دليل قوي على أنه مات على كفره وإلا فكيف يصفه (الضال)؟!.

الوقفة الثانية:- مع قوله "لما حضرته الوفاة" هل يعني ذلك في اثناء الغرغرة؟ ذهب اكثر أهل العلم (٢) إلى ان المراد: قربت وفاته وحضرت دلائلها وذلك قبل المعاينة والنزع ولو كان في حال المعاينة -معاينة الموت- لما نفعه الايمان لقوله تعالى: ((وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر احدهم الموت قال: اني تبت الان ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذاباً أليما)) " (٣).

ومما يدل على أنه قبل الغرغرة محاورة أبي طالب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وللمشركين من حوله (٤). وقد تكون تلك من خصوصيات النبي - صلى الله عليه وسلم - ((ويؤيد الخصوصية انه بعد ان امتنع من الاقرار بالتوحيد وقال: على ملة عبد المطلب ومات على ذلك: ان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يترك الشفاعة له بل شفع له حتى خفف عنه العذاب بالنسبة لغيره وكان ذلك من الخصائص في حقه)) (٥).

وكما هو ثابت فانه لو قالها قبل الغرغرة لثبت إيمانه، كما ثبت ذلك في حديث الغلام اليهودي، فانه لما قالها قبل الغرغرة وجبت له الجنة، فقد جاء عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:- ((كان غلام يهودي يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرض فآتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده فقعد عند رأسه، فقال له: اسلم فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: اطع ابا القاسم - صلى الله عليه وسلم - فأسلم، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: الحمد لله الذي انقذه من النار)) (٦).

وأما في أثناء الغرغرة فلا ينفع نفسٌ ايمانها كما نصت عليه الآية ((وليست التوبة ... )) (٧).


(١) اخرجه أحمد١/ ١٢٩ و١٣٠، وانظر المسند الجامع ١٣/ (١٠٠٧٧)، واحكام الجنائز، الالباني ص١٣٤
(٢) انظر شرح مسلم ١/ ٢١٤ وفتح الباري، إبن حجر ٨/ ٦٥٠
(٣) النساء/١٨.
(٤) انظر شرح مسلم ١/ ٢١٤، ٧/ ٢٤٧وعمدة القاري، العيني٨/ ١٨٠
(٥) فتح الباري٨/ ٦٥٠وانظر عمدة القاريء، العيني٨/ ١٨٢.
(٦) انظر تخريجه برقم (١٠٩).
(٧) النساء /١٨.

<<  <   >  >>