للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإعراب: إنْ: حرف شرط، علاني: هو الشرط، مَنْ: اسم ناقص يحتاج إلى صلة وعائد، دوني: اسم مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هو هو دوني، وفي فلا الفاء: جواب الشرط، ولا النافية للجنس، عجب: اسم لا، أسوة: مبتدأ، وإنما تأخّر لأنه نكرة.

المعنى: أخذ يسلِّي نفسه، ويتأسى بما ضربه من المثل في انحطاط الشمس عن زحل، فقال: وإن علاني هؤلاء الذين ذممت دولتهم، وأيامهم، وهم دوني في كل شيء، لي أسوة بكون الشمس منحطة عن زحل، وهو مَثَل حسن، وهذا فيه من البديع إرسال المثل، والإيضاح، وقد تقدّم الكلام في ذلك، وهذا البيت قد أخذ بمجامع الحسن، ودار به على قطب الفصاحة فلكه الدائر، وسار في الأقطار مثله السائر، وأضاءت به الشموس في أيام الطروس، وأسفرت به البدور في ليالي السطور،

وأمَّا تمثيله بالشمس وزحل، فهو تمثيل مطابق لمن يكون بحالته التي ذكرها، وشرحها من ارتفاع السفل، وانحطاط الكرام، لأن الشمس في الفلك الرابع، وزحل في السابع، وإنما حكموا بأن زحل في السابع، والشمس في الرابع؛ لأن ذلك أمر يشاهده / الحسّ، ويحكم به العقل، وهو أنهم وجدوا زحل يدور [٦٣ ب] في فلكه في كلّ ثلاثين سنة دورة، والشمس يدور فلكها في كل سنة مرة، والزهرة مثل الشمس، ولكن تارة تُسرع؛ فتكون أمامها، وتارة تكون الشمس أمامها، وفلك البروج محيط بفلك زحل، والفلك الأطلس محيط بفلك البروج، والأطلس يدور بما فيه في اليوم والليلة من المشرق إلى المغرب مرة واحدة دورة كاملة، فتبارك الله أحسن الخالقين.

قال الأرجاني مشيرا إلى قول الطغرائي (١): (من الكامل)

ودَعِ التّناهيَ في طلابك للعُلا ... واقنعْ فلم أرَ مثْلَ عِزِّ القانع

فبسابعِ الأَفْلاكِ لم يَحْلُلْ سِوى ... زُحَلٍ ومجرى الشمسِ وسطَ الرابعِ

وهذا المعنى أخذه الأرجاني من الطغرائي؛ لأن الأرجاني [توفي] في سنة أربع وأربعين وخمسمائة، والطغرائي في سنة خمسمائة وخمس عشرة، ولكن بيت الطغرائي أبدع وأطرب، وأهزّ للأعطاف، قال ابن الساعاتي (٢): (من الكامل)

أتظُنُّ يا خيرَ الأَنامِ نقيصَةً والنقصُ للأطرافِ لا الأشرافِ

أَوَما ترى أنَّ الكواكبَ سبعةٌ والشمسُ رابعةٌ بغير خلافِ


(١) ديوانه (م)
(٢) البيتان في الغيث المسجم ٢/ ٢٥١

<<  <   >  >>