للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشمس هي الكوكب النَّيِّر الذي يمد سائر الكواكب بالنور على بعض الآراء، وإلى ذلك أشار التهامي (١) في قوله يمدح الشريف الزيدي لمَّا حُبس بالقاهرة في خزانة البنود، فقال: (من الكامل)

بَثَّ الفَضائِل خلفه وَأَمامه ... فَفَناء مُهجَتِهِ كَمِثلِ خُلودِها

كالشَمسِ تُوَدِع في الكَواكِب نورها ... فَتَنوب للسارين عَن مَفقودِها

وأجمع أهل الهيئة على أنّ القمر يستمد النور من الشمس، وزيادة النور فيه ونقصانه بحسب البعد منها والقرب؛ لأن جُرم القمر (٢) كثيف حديدي مستخصف، قابل لانطباع النور فيه كالمرآة، واعلم أن بيت الطغرائي هذا يصدع / الفؤاد، ويرضّ الأكباد؛ لأن الدهر [٦٤ أ] مولع بخفض الكامل، ورفع الناقص، وسعد الجاهل، وشقاء الفاضل، وبؤس الكريم، ونعيم اللئيم: (من الخفيف)

شِيَمٌ مرّت الليالي عليها ... والليالي قليلةُ الإنْصافِ (٣)

ومن الكلم النوابغ: ولا غرو أنْ يرتفع الجاهل، وينحط العالم، فقد يتدلّى سهيل، وتستعلى النعائم، والطغرائي قد اختلس بيته هذا من أبي الطيب (٤): (من الوافر)

وَلَو لَم يَعلُ إِلّا ذو مَحَلٍّ ... تَعالى الجَيشُ وَاِنحَطَّ القَتامُ

بل أخذه صريحا من أبي الفتح البستي (٥)، حيث قال: (من البسيط)

لا تَعْجَبَنَّ لدَهرٍ ظَلَّ في صَبَبٍ ... أشرافُهُ وعَلا في أوجِهِ السَّفِلُ

وانقَدْ لأحكامِه أنَّى يُقادُ بِها ... فالمُشتري السَّعْدُ يعلو فوقَهُ زُحَلُ

وقال ابن نفادة (٦): (من البسيط)

الدهرُ يرفعُ مخفوضا ويخفض مر فوعاً من الناس عمداً فهو لحَّانُ

فالفضلُ ينحطُّ والنّقصان مرتفعٌ كأنما صرفهُ في الحكمِ ميزانُ

قال ابن الرومي (٧): (من البسيط)

قالتْ علا الناسُ إلاّ أنتَ قلتُ لها كذاكَ يسفلُ في الميزانِ مّنْ رَجَحا

وقال آخر (٨): (من الكامل)

الدهرُ كالميزانِ يرفعُ ناقصاً ... أبداً ويخفضُ زائدَ المقدار


(١) ديوانه (م)
(٢) كتب: الشمس، وما أثبتناه من الغيث المسجم ٢/ ٢٥١
(٣) نسبه الصفدي في الوافي بالوفيات، ص ١١٦٤٦ / (م) لسالم بن علي بن سلمان بن علي العودي.
(٤) ديوانه ١/ ١٤٥
(٥) ديوانه (م)
(٦) البيتان في الغيث المسجم ٢/ ٢٨٥
(٧) ديوانه (م)
(٨) نسبه الصغدي في الوافي بالوفيات، ص ١٥٠٢٣ / (م) لابن الإخوة: عبد الرحيم بن أحمد بن محمد.

<<  <   >  >>