للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى: هؤلاء الرماة الذين هم من بني ثعل يحمون بالبيض التي هي السيوف، والسمر اللينة، التي هي الرماح أبكارا سود الضفائر، حمر الحلي والبرود، يعني أنّ حليهن من الذهب الأحمر، ولباسهن من الحرير الأحمر.

قال أبو الطيب (١): (من البسيط)

مَنِ الجَآذِرُ في زِيِّ الأَعاريبِ ... حُمرَ الحُلى وَالمَطايا وَالجَلابيبِ

وقال أيضا (٢): (من الطويل)

بِكُلِّ فَلاةٍ تُنكِرُ الإِنسَ أَرضُها ... ظَعائِنُ حُمرُ الحَليِ حُمرُ الأَيانِقِ

ومن قول الطغرائي أخذ ابن الساعاتي [قوله]: (من البسيط)

من الظباء اللواتي لا ذمامَ لها ... من أين يعرفنَ رَعْيَ العهدِ والذمَمِ (٣)

بيض الترائب سمر اللحظِ يحجبها ... سودُ الذوائب حُمرُ الحلي والنعمِ

ولا شكّ أن اللباس الأحمر / يزيد الحسن رونقا، ويفيده روحنة، ويكسبه رونقا آخر [٣٨ ب] قال أبو حجيفة وهب بن عبد الله السوائي: ما رأيت ذا لمّة سوداء في حلة حمراء أحسن من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما قول الشاعر (٤): (من الطويل)

هِجَانٌ عليها حُمْرَةٌ في بياضِها ... تَرُوقُ بهِ العينينِ والحُسْنُ أحمَرُ

فإنه عنى به الحسن في حمرة اللون مع البياض دون غيره من الألوان، قال الحريري في درة الغواص: أمَّأ قولهم الحسن أحمر (٥)، فإنّ معناه أنّه [لا يُكتسب] ما فيه الجمال إلاّ بتحمُّل مشقة يحمارُّ منها الوجه، كما قالوا للسنة المجدبة حمراء، وكنّوا عن الأمر المستصعب بالموت الأحمر، انتهى.

قال الشارح: ويحتمل أن يكون المراد بقولهم الموت الأحمر أنه القتل الذي فيه سفك الدم، قلت: وهذا في غاية البعد، بل كلامهم أعمّ من ذلك، فقد قالوا: الفقر هو الموت الأحمر، والسبب فيه قوله عليه السلام: كاد الفقر أن يكون كُفرا، ومن قول الطغرائي قول أبي الطيب (٦): (من الطويل)

دِيارُ اللَواتي دارُهُنَّ عَزيزَةٌ ... بِسمر القَنا يُحمينَ لا بِالتَمائِمِ

وقول أبي إسحاق الغزي: (من الوافر)

وبوركَ في خيامِ قبيلِ سلمى وفي تلكَ المضاربِ والحِجالِ (٧)


(١) ديوانه ٢/ ٢١٠
(٢) ديوانه ٢/ ١٤٨
(٣) البيتان في الغيث المسجم ١/ ٣٦٨
(٤) نسبه الزمخشري في ربيع الأبرار، ص ٢٤٤٤/ (م) لبشار ,
(٥) درة الغواص، ص ٢٢٨ ـ٢٢٩
(٦) ديوانه ١/ ٢٥٤، وفيه: بطول القنا يُحفظن.
(٧) البيتان في الغيث المسجم ١/ ٣٦٨

<<  <   >  >>