للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقفة حول المجاز]

المجاز مصطلح معروف عند أهل اللغة، والبلاغة، والتفسير، والأصول وغيرهم.

كما أنه يَرِدُ كثيراً في كتب العقائد، خصوصاً في باب الأسماء والصفات؛ ذلك أن كثيراً من أهل التعطيل اتخذوه مطية لنفي الصفات الإلهية.

ولأجل أن تتضح صورة المجاز إليك هذا العرض المجمل الميسر الذي يبين معالمه، وحقيقة الخلاف فيه وما جرى مجرى ذلك.

وقبل الدخول في ثنايا الحديث عن المجاز يحسن الوقوف عند مصطلح (الحقيقة) ؛ وذلك لأن المجاز عند من يقول به قسيم الحقيقة.

فالكلام ينقسم إلى حقيقة ومجاز؛ فإلى تفصيل الحديث حتى يتبين الأمر.

أولاً: تعريف الحقيقة: هي الكلمة المستعملة فيما هي موضوعة له من غير تأويل في الوضع. أو هي: استعمال اللفظ فيما وضع له في الأصل.

مثل كلمة (أسد) : تدل على الحيوان المعروف، وكلمة (الشمس) : تدل على الكوكب العظيم المعروف، وكلمة (البحر) : تدل على الماء العظيم الملح. . وهكذا جميع ألفاظ اللغة.

ثانياً: تعريف المجاز: المجاز في اللغة: اسم مكان كالمطاف والمزاز. والألف فيه منقلبة عن واو، وقيل: هو مصدر ميمي.

وفي الاصطلاح: هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له في الأصل؛ لعلاقة بين المعنيين الحقيقي والمجازي مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.

ثالثاً: شرح مفردات تعريف المجاز: قوله: (في غير ما وضع له) : أي المعنى الوضعي للَّفظ، ويسمى الحقيقي أو الأصلي الذي ذكرته معاجم اللغة، كوضع كلمة الأسد للحيوان المعروف الكاسر، وكذلك القمر.

قوله: (لِعِلاقة) : العلاقة هي الشيء الذي يربط بين المعنى الأصلي للفظ، والمعنى المجازي، كالشجاعة في قولك: رأيت أسداً يكرُّ بسيفه! فالأسد هنا لا يقصد به الحيوان؛ وإنما يقصد به الرجل الشجاع، إذاً فقد انتقل من معناه الحقيقي إلى المعنى المجازي، والعلاقة هي الشجاعة.

قوله: (القرينة) ؛ القرينة: هي التي تمنع الذهن من أن ينصرف إلى المعنى الوضعي الأصلي للفظ، مثل قولك (يكر بسيفه) في قولك: (رأيت أسداً يكر بسيفه) لأن الأسد لا يكر بالسيف، فعلم أن المقصود باللفظ مجازه لا حقيقته؛ لأن الأسد لا يحمل السيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>