للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالابتداع في الدين إنما هو في الحقيقة استدراك على الله وعلى رسوله"واتهام للدين بالنقص.

٥_أنه لو جاز للناس أن يتعبدوا بما شاءوا، كيفما شاءوا لأصبح لكل إنسان طريقتُه الخاصة بالعبادة، ولأصبحت حياةُ الناس جحيماً لا يطاق؛ إذ يسود التناحر والتنافر؛ لاختلاف الأذواق، مما يؤدي إلى الشقاق والافتراق؛ والاتباعُ وترك الابتداع أعظمُ سببٍ للائتلاف والاجتماع.

٦_لو جاز للناس أن يعبدوا الله بما شاءوا كيفما شاءوا لترتَّب على ذلك عدم حاجة الناس إلى الرسل، ولا يقول بهذا عاقل (١) .

[أركان العبادة]

للعبادة ثلاثة أركان، هي:

١_الحب ٢_الخوف ٣_الرجاء

وجعلها بعض أهل العلم أربعة: الحب، والتعظيم، والخوف، والرجاء.

ولا تعارض بين الأمرين؛ فإن الرجاء ينشأ من الحب، فلا يرجو الإنسان إلا من يحب، وكذلك الخوف ينشأ من التعظيم، فلا يخاف الإنسان إلا من عظيم.

وقد أثنى الله على أهل الخوف والرجاء من النبيين والمرسلين فقال: [إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ] (الأنبياء: ٩٠) .

ومدح القائمين بذلك من سائر عباده، فقال: [أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ] (الزمر: ٩) ، وقال: [وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ] (الإسراء: ٥٧) ، وقال: [تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ] (السجدة: ١٦) .

كما أمر عز وجل باستحضار ذلك وقصْدِه فقال: [وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً] (الأعراف: ٥٦) .

هذه هي عبادة الأنبياء والمرسلين، وعباد الله المؤمنين، فمن ذا الذي هو أحسن منهم؟ وأكمل من هديهم؟ وهل تقبل دعواه؟!!


(١) الكلام في هذا بعضه مستفاد من مذكرة في التوحيد للشيخ د. عبد الله الجاسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>