للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢_البحر له دلالتان: إحداهما حقيقته، وهي دلالته على الماء العظيم الملح.

والأخرى مجازية وهي: دلالته على الرجل الجواد الكثير العطاء أو العالم العزير العلم.

٣_اليد لها دلالتان: إحداهما حقيقته، وهي الجارحة المعروفة، كما تقول: كتبت بيدي.

والأخرى مجازية بمعنى النعمة، كما تقول لفلانٍ عليَّ يدٌ، أي: نعمة.

سادساً: كيف يُفرَّق بين الحقيقة والمجاز؟

يفرق بسياق الكلام، وقرائن الأحوال. ولا يمكن أن يقال: إن كلا الدلالتين الحقيقية والمجازية سواء؛ بحيث إذا أطلق اللفظ دل عليهما معاً، كأن يقال: إن الشمس حقيقية في دلالتها على الكوكب والوجه المليح، وأن البحر حقيقة في الماء العظيم الملح والرجل الجواد؛ بل لابد من قرينة تخصص المعنى المراد (١) .

سابعاً: لم سمي المجز بهذا الاسم؟

لأنه مأخوذ من قولهم: جاز هذا الموضع إلى هذا الموضع، إذا تخطاه إليه.

فالمجاز إذاً اسم للمكان الذي يجاز فيه كالمزار، والمعاج وأشباههما.

وحقيقته: الانتقال من مكان إلى مكان؛ فجعل ذلك لنقل الألفاظ من محل إلى محل، كقولنا: زيد أسد؛ فإن زيداً إنسان والأسد هو ذاك الحيوان المعروف. وقد جُزْنا الإنسانية أي: تخطيناها وانتقلنا منها وعبرناها إلى الأسدية؛ لِوُصلة بينهما أي علاقة، وتلك الوصلة هي صفة الشجاعة؛ فهذا هو سبب تسمية المجاز بهذا الاسم.

أما الحقيقة فهي: مأخوذة من كلمة حقَّ وهو الشيء الثابت، ولعلك تشمُّ رائحة التضاد بين هاتين الكلميتين؛ فالحقيقة ثبوت الشيء، والمجاز تَعَدِّية (٢) .

ثامناً: هل كل مجاز له حقيقة، وكل حقيقة لها مجاز؟

والجواب: أن كل مجاز له حقيقة؛ لأنه لم يطلق عليه لفظ مجاز إلا لنقله عن حقيقة موضوعة.

وليس من ضرورة كل حقيقة أن يكون لها مجاز (٣) .


(١) انظر معجم البلاغة العربية ص١٤٧.
(٢) انظر معجم البلاغة العربية ص١٤٧، والبلاغة فنونها وأفنانها ص١٢٨.
(٣) انظر مهجم البلاغة العربية ص١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>