إن هذا الكون الواسع بما فيه من الكائنات كلّه يخضع لخالقه وبارئه، ويؤدي عبودية له_سبحانه وتعالى_فلقد ثبت لهذه الكائنات في الكتاب والسنة طاعاتٌ كثيرةٌ كالسجود، والتسبيح، والصلاة، والاستغفار، والإسلام، والإشفاق، وغيرها.
وليس بالضرورة أن يكون هذا السجود مثل سجود الآدميين من المسلمين؛ فسجود كلِّ أحدٍ بحسبه.
وأما عن تسبيح الكائنات فذلك كما في قوله_تعالى_:[تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً](الإسراء: ٤٤) . فالكائنات كلها تسبح خالقها تسبيحاً لا نفقهه نحن البشر، وعدم معرفتنا به ليس دليلاً على نفيه؛ فلقد خص الله بعض خلقه بالاطلاع على تسبيح بعض الكائنات، وأفهمه تسبيحها كداود_عليه السلام_.
أما صلاتُها فقد قال الله_تعالى_:[أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ](النور: ٤١) .
فكلها يصلي، ويسبح لله، وليس بالضرورة أن نفهم ذلك.
أما عن استغفارها ففي حديث أبي الدرداء÷قال: سمعت رسول الله"يقول: =وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء+ (١) .
(١) ابن ماجه، ١/٨١ برقم (٢٢٣) ، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع ٢/١٠٧٩ رقم (٦٢٩٧) .