للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب)) (١).

الحديث الرابع: حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب)).وفي لفظ للبخاري: ((ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب ... )).ولفظ عند مسلم: ((ولا يملأ نفس ابن آدم إلا التراب ... )) (٢).

في الأحاديث السابقة من الفوائد: أن قلب الشيخ الكبير كامل الحب للمال محتكم في ذلك كاحتكام قوة الشباب في شبابه، وفيها ذم الحرص على الدنيا وحب المكاثرة بها، والرغبة فيها، ولايزال حريصاً على الدنيا حتى يموت (٣). فإذا مات كان من شأنه أن يدفن، فإذا دفن صُبَّ عليه التراب، فملأ تراب قبره جوفه، وفاه، وعينيه، ولم يبق منه موضع يحتاج إلى تراب، والله المستعان (٤).

وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول في تقريره على هذه الأحاديث: ((والمقصود من هذا كله: الحذر من الانشغال بالمال، والفتنة بالمال، وأن المؤمن ينبغي أن يكون أكبر همه العمل للآخرة، وألا يُشغل


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الرقاق، باب ما يتقى من فتنة الدنيا، وقوله تعالى:
{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: ١٥] برقم ٦٤٣٩، ومسلم، كتاب الزكاة، باب لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثاً، برقم ١٠٤٨.
(٢) متفق عليه في الكتابين والبابين السابقين: البخاري، برقم ٦٤٣٦، ٦٤٣٧، ومسلم، برقم ١٠٤٩. وجاء من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عند مسلم، برقم ١٠٥٠.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ١٤٥ - ١٤٦.
(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر، ١١/ ٢٥٦.

<<  <   >  >>