للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} (١).

فهذا مثل ضربه اللَّه - تعالى - للمشرك والموحد، فالمشرك لمَّا كان يعبد آلهة شتى شُبِّهَ بعبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون، سيئة أخلاقهم، يتنافسون في خدمته، لا يمكنه أن يبلغ رضاهم أجمعين، فهو في عذاب.

والموحِّد لما كان يعبد اللَّه وحده لا شريك له، فمثله كمثل عبد لرجل واحد، قد سلم له، وعلم مقاصده، وعرف الطريق إلى رضاه، فهو في راحة من تشاحن الخلطاء فيه واختلافهم، بل هو سالم لمالكه من غير تنازع فيه، مع رأفة مالكه به، ورحمته له، وشفقته عليه، وإحسانه إليه، وتوليه لمصالحه، فهل يستوي هذان العبدان؟ والجواب: كلا، لا يستويان أبداً (٢).

[المبحث الرابع: الكمال المطلق للإله الحق المستحق للعبادة وحده]

بعد أن عرفنا صفات الآلهة الباطلة، وأنها لا تملك لنفسها ولا لغيرها ضرّاً ولا نفعاً، فهي لا تستحق العبادة، وإنما الذي يستحق العبادة وحده من يملك القدرة على كل شيء، والإحاطة بكل شي، وكمال السلطان والغلبة والقهر والهيمنة على كل شيء، والعلم بكل


(١) سورة الزمر، الآية: ٢٩.
(٢) انظر: تفسير البغوي، ٤/ ٧٨، وابن كثير، ٤/ ٥٢، والتفسير القيم، ص٤٢٣، وفتح القدير للشوكاني، ٤/ ٤٦٢، وتفسير السعدي، ٦/ ٤٦٨، وتفسير الجزائري، ٤/ ٤٣.

<<  <   >  >>