للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهم ما يدل على ذلك، أنه لا يجوز نبذ العهد إليهم، بل يجب الوفاء إلى أن تتم مدته (١).

ولهذا قال سليم بن عامر: كان بين معاوية وبين الروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم حتى إذا انقضى عهدهم غزاهم، فجاء رجل على فرس أو بِرْذَون، وهو يقول: اللَّه أكبر، وفاء لا غدر. فنظروا فإذا عمرو بن عبسة، فأرسل إليه معاوية - رضي الله عنه - فسأله، فقال: سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من كان بينه وبين قومٍ عهدٌ فلا يشدُّ عقدة ولا يحلها حتى ينقضيَ أمَدُها أو ينبذ إليهم على سواء)) فرجع معاوية (٢).

وهذا هو عين الحكمة في دعوة من ظلم وتجبّر وصدَّ عن سبيل اللَّه تعالى.

[المسلك الخامس: مراتب قوة الجهاد وأنواعه:]

الجهاد له أربع مراتب: جهاد النفس، والشيطان، والكفَّار والمنافقين، وأصحاب الظلم والبدع والمنكرات.

[١ - جهاد النفس له أربع مراتب:]

(أ) جهادها على تعلم أمور الدين والهُدى الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به.


(١) انظر: تفسير ابن كثير، ٢/ ٣٢١، وتفسير السعدي، ٣/ ١٨٣ - ١٨٤.
(٢) أبو داود، كتاب الجهاد، باب في الإمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه، ٣/ ٨٣، (رقم ٢٧٥٩)، وانظر: صحيح سنن أبي داود، ٢/ ٥٢٨، والترمذي، كتاب السير، باب ما جاء في الغدر، (رقم ١٥٨٠)، وقال: >هذا حديث حسن صحيح<.

<<  <   >  >>