للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (١).

فبين - سبحانه - أنه أرسل الرسل عليه الصلاة والسلام، بالبينات وهي: المعجزات، والحُجج الباهرات، والبراهين السَّاطعات، والدلائل القاطعات، التي يوضح اللَّه بها الحقّ، ويدفع بها الباطل، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البينات والهدى والإيضاح، وأنزل معهم الميزان: وهو العدل في الأقوال والأفعال الذي يُنصَف به المظلوم من الظالم، ويقام به الحق، ويعامل الناس على ضوئه بالحق، وأنزل الحديد فيه قوة وردع وزجر لمن خالف الحق، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة والبرهان وتؤثر فيه البيّنة، فهو الملزم بالحق والقامع للباطل بإذن اللَّه - تعالى -. ولقد أحسن من قال في مثل هذا:

وما هو إلا الوحْيُ أوْحَدُّ مُرْهَفٍ ... تُميلُ ظُبَاه أخدَعَيْ كُلِّ مائِلِ

فهذا دواءُ الدَّاءِ مِن كلِّ عالمٍ ... وهذا دواءُ الدَّاءِ من كُلِّ جاهِلِ

هوَ الحقُّ إنْ تستيقِظُوا فيه تَغْنَمُوا ... وإن تَغْفَلُوا فالسَّيْفُ لَيْسَ بغافِلِ (٢)

وقال آخر: يعني رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:

قالوا غَزَوْتَ ورسْلُ اللَّه ما بُعثوا ... لقتْلِ نفسٍ ولا جاءُوا لسفكِ دم

جهلٌ وتضليلُ أحلامٍ وسفسطة ... فتحتَ بالسيف بعد الفتح بالقلم


(١) سورة الحديد، الآية: ٢٥.
(٢) ديوان أبي تمام، بشرح الخطيب التبريزي، ٣/ ٨٦ - ٨٧.

<<  <   >  >>