بالاحتياطات اللازمة. فالوظيفة تخلق العضو، كما يقال. ويجب أن نضيف أنها تحدد مكانه، وأنا أعرف أن المورفولوجيا لا تنتظر مني هذه الإضافة.
ولنقل إذن: إن بين هذه الأرجل أرجلا تقع قرب رأس هذا الحيوان، وأخرى تقع بالقرب من ذنبه. فالأولى هي في الوقت ذاته (مجسات) تلتقط المعلومات من الرأس، وتنقلها إليه. والثانية ليست سوى أرجل مهمتها التنفيذ.
ولكنها لا تفكر، لا الأولى ولا الثانية. الرأس هو وحده الذي يفكر ... واعذروني مرة أخرى على هذه الإضافة.
ما يهمنا إذنا، غاية الاهتمام، هو الشيء الذي ينفذ وكيفية تنفيذه. أي أننا نهتم بكيفية مرور الدافع العصبي، الذي يحمل الفكرة والإرادة، من الرأس إلى آخر رجل، وإلى الذنب. وبما يحمله.
هنا أيضا، لابد من توضيح. كل امرئ يلاحظ الظواهر- العادية وغير الاعتيادية- من زاويته الضيقة. فكسوف الشمس مثلا يهم عالم الفلك والخباز. إلا أن الأول يراقبه بأجهزة مناسبة، والآخر يكتفي باستعمال يده، كحاجز يضعه فوق عينيه. ومما لاشك فيه أن هذين الرجلين يريان الأمر ذاته. ولكنه بالنسبة لهما يملك الوجه نفسه دون معناه. إن هذا التوضيح ضروري جدا فيما يخص أرجل الدخداخيات.
هناك مثلا نساء مسنات ساذجات في الجزائر، يرين هذه الأرجل وهي تعمل. وبائع الفحم يراها، وهو يقوم بوزن بضاعته. وأنا أراها أيضا، دون أن أغادر زاويتي التي أكتب فيها مقالتي الآن.
الواقع، أن طبيعة عملي، تجعل نافذة ملاحظاتي تدخل في ميدان الأفكار. وأنا أرى، بالطبع، من نافذتي تلك، شيئا، مما يجري في الميادين المجاورة؛ وعلى الأخص ميدان الاقتصاد، أو التخطيط المدني.